للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثل المؤمنين فى توادهم وتحابهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى بعضه تداعى سائره بالسهر والحمى) : قال السعدي قدس سره

بنى آدم اعضاى يكديكرند ... كه در آفرينش ز يك جوهرند

چوعضوى بدرد آورد روزكار ... دكر عضوها را نماند قرار

والتألف والتودد يؤكد الصحبة مع الأخيار مؤثرة جدا بل مجرد النظر الى اهل الصلاح يؤثر صلاحا والنظر فى الصور يؤثر أخلاقا مناسبة لخلق المنظور اليه كدوام النظر الى المحزون يحزن ودوام النظر الى المسرور يسر. وقد قيل من لا ينفعك لفظه والجمل الشرود يصير ذلولا بمقارنة الجمل الذلول فالمقارنة لها تأثير فى الحيوان والنبات والجماد والماء والهواء يفسدان بمقارنة الجيف والزروع تنقى من انواع العروق فى الأرض والنبات لموضع الإفساد بالمقارنة وإذا كانت المقارنة مؤثرة فى هذه الأشياء ففى الصور الشريفة البشرية اكثر تأثيرا. وقيل سمى الإنسان إنسانا لانه يأنس بما يراه من خير او شر والتألف والتودد مستجلبان للمزيد وانما العزلة والوحدة تحمد بالنسبة الى اراذل الناس واهل الشر فاما اهل العلم والصفاء والوفاء والأخلاق الحميدة فتغتنم مقارنتهم والاستئناس بهم استئناس بالله تعالى كما ان محبتهم من محبة الله تعالى والجامع معهم رابطة الحق ومع غيرهم رابطة الطبع فالصوفى مع غير الجنس كائن بائن ومع الجنس كائن معاين والمؤمن مرآة المؤمن إذا التقى مع أخيه يستشف من وراء أقواله واعماله وأحواله تجليات الهية وتعريفات وتلويحات من الله الكريم خفية غابت عن الأغيار وأدركها اهل الأنوار كذا فى عوارف المعارف يقول الفقير أصلحه الله القدير سمعت من بعض العلماء المتورعين والمشايخ المتزهدين ممن له زوجتان متباغضتان انه قال قرأت هذه الآية وهى قوله تعالى هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ الى آخرها على ماء فى كوز ونفخت فيه ثم اشربته إياهما فوقع التودد والالفة بينهما بإذن الله تعالى وزال التباغض والتنافر الى الآن يا أَيُّهَا النَّبِيُّ المخبر عن الله تعالى المرتفع شأنه حَسْبُكَ اللَّهُ اى كافيك فى جميع أمورك وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الواو بمعنى مع اى كفاك وكفى اتباعك ناصرا كقولك حسبك وزيدا درهم او عطف على اسم الله تعالى اى كفاك الله والمؤمنون والكافي الحقيقي هو الله تعالى واسناد الكفاية الى المؤمنين لكونهم أسبابا ظاهرة لكفاية الله تعالى والآية نزلت بالبيداء فى غزوة بدر قبل القتال تقوية للحضرة النبوية وتسلية للصحابة رضى الله عنهم فالمراد بالمؤمنين الأنصار وقال ابن عباس رضى الله عنهما نزلت فى اسلام عمر رضى الله عنه فتكون الآية مكية كتبت فى سورة مدنية بامر رسول الله صلى الله عليه وسلم- روى- انه اسلم مع النبي عليه السلام ثلاثة وثلاثون رجلا وست نسوة ثم اسلم عمر رضى الله عنه فكمل الله الأربعين بإسلامه فنزلت وكان صلى الله عليه وسلم يدعو ويقول (اللهم أعز الإسلام) وفى رواية (أيد الإسلام بأحد الرجلين اما بابى جهل بن هشام واما بعمر بن الخطاب) وكان دعاؤه بذلك يوم الأربعاء فاسلم عمر رضى الله عنه يوم الخميس وكان وقتئذ ابن ست وعشرين سنة وسبقه حمزة بن عبد المطلب بالإسلام بثلاثة ايام او بثلاثة أشهر- روى- انه لما نزل

<<  <  ج: ص:  >  >>