للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من لعنة ودرع من جرب وضعت يدها على رأسها تقول وا ويلاه وتنبح كما ينبح الكلب) . وبكاء موافقة بان يرى جماعة يبكون فيبكى مع عدم علمه بالسبب. وبكاء المحبة والشوق. وبكاء الجزع من حصول ألم لا يحتمله. وبكاء الجور والضعف. وبكاء النفاق وهو ان تدمع العين والقلب قاس واما التباكي فهو تكلف البكاء وهو نوعان محمود ومذموم. والاول ما يكون لاستجلاب رقة القلب. والثاني ما يكون لاجل الرياء والسمعة كما فى انسان العيون والحاصل ان طالب الآخرة ينبغى له تقليل الضحك وتكثير البكاء ولا يغفل عن الموت ولقاء الجزاء فانه كم ضاحك وكفنه عند القصار: قال الحافظ

ديد آن قهقهه كبك خرامان حافظ ... كه ز سر پنجه شاهين قضا غافل بود

فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ من الرجع المتعدى دون الرجوع اللازم يقول رجع رجوعا اى انصرف ورجع الشيء عن الشيء اى صرفه ورده كارجعه. والمعنى فان ردك الله من غزوة تبوك إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ الطائفة من الشيء القطعة منه وضمير منهم الى المنافقين المتخلفين فى المدينة دون المتخلفين مطلقا منافقا كان او مخلصا فان تخلف بعضهم انما كان لعذر عائق مع الإسلام او الى من بقي من المنافقين لان منهم من مات ومنهم من غاب عن البلد ومنهم من تاب ومنهم من لم يستأذن وعن قتادة انهم كانوا اثنى عشر رجلا قيل فيهم ما قيل فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ معك الى غزوة اخرى بعد غزوتك هذه وهى تبوك فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً اى لا تأذن لهم بحال وهو اخبار فى معنى النهى للمبالغة وكذا قوله وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا من الأعداء إِنَّكُمْ تعليل لما سلف اى لانكم رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ اى عن الغزو وفرحتم بذلك أَوَّلَ مَرَّةٍ هى الخرجة الى غزوة تبوك وتذكير اسم التفضيل المصاف الى المؤنث هو الأكثر الدائر على الالسنة فانك لا تكاد تسمع قائلا يقول هى كبرى امرأة او اولى مرة فَاقْعُدُوا من بعد مَعَ الْخالِفِينَ اى المتخلفين الذين ديدنهم القعود والتخلف دائما لعدم لياقتهم للجهاد كالنساء والصبيان ففى الخالفين تغليب الذكور على الإناث فان قيل كانت اعمال المنافقين من الشهادة والصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد مقبولة عند النبي عليه السلام وان لم تكن مقبولة عند الله تعالى فكان النبي عليه السلام يقول نحن نحكم بالظاهر والله يتولى السرائر فما الحكمة فى ان الله تعالى امر النبي عليه السلام بان لا يقبل من المتخلفين أعمالهم من الخروج معه والقتال مع العدو وغير ذلك قلنا ان الحكمة فى ذلك والله اعلم ان المنافقين لما كانوا يظهرون الإسلام والائتمار باوامر النبي عليه السلام مع كانوا يضمرون من الكفر والنفاق كانت أعمالهم مقبولة عند النبي عليه السلام وسرائرهم موكولة الى الله تعالى طمعا فى انابتهم ورجوعهم من النفاق الى الوفاق فلما أظهروا ما اضمروا ردت إليهم أعمالهم فكان الحكم بالظاهر ايضا فافهم قال العلماء أخرجهم الله تعالى من ديوان الغزاة ومحا أساميهم من دفتر المجاهدين وابعد محلهم من محفل صحبة النبي صلى الله عليه وسلم عقوبة لهم على تخلفهم لما فيه من الاهانة واظهار نفاقهم وبيان انهم ليسوا ممن يتقوى به الدين ويعز الإسلام كالمؤمنين

<<  <  ج: ص:  >  >>