للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المكلفين من الكفار وعوام المؤمنين وخواصهم فالبعض ينذر بنار الجحيم والبعض الآخر بانحطاط الدرجات فى دار النعيم والبعض الثالث بنار الحجاب عن مطالعة جمال الرب الكريم وقدم الانذار على التبشير لان ازالة ما لا ينبغى متقدمة فى الرتبة على فعل ما ينبغى وهو لا يفيد مادامت النفس ملوثة بالكفر والمعاصي فان تطييب البيت بالبخور انما يكون بعد الكنس وازالة القاذورات ألا ترى ان الطبيب الذي يباشر معالجة الأمراض البدنية يبدأ اولا بتنقية البدن من الاخلاط الرديئة ثم يباشر المعالجة بالمقويات فكذلك الطبيب الذي يباشر معالجة مرض القلب لا بد له ان يبدأ اولا بتنقيته من العقائد الزائغة والأخلاق الرديئة والأعمال القبيحة المكدرة للقلب بان يسقيه شربة الانذار بسوء عاقبة تلك الأمور وبعد تنقيته من المهلكات يعالجه بما يقويه على الطاعات بان يسقيه شربة التبشير بحسن عاقبة الأعمال الصالحات ولهذا اقتصر على ذكر الانذار فى مبدأ امر النبوة حيث قال يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا دون الذين كفروا إذ ليس لهم ما يبشرون به من الجنة والرحمة ماداموا على كفرهم أَنَّ لَهُمْ اى بان لهم

قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ اى أعمالا صالحة سابقة قدموها ذخرا لآخرتهم ومنزلة رفيعة يقدمون عليها سميت قدما على طريق تسمية الشيء باسم آلته لان السبق والقدوم يكون بالقدم كما سميت النعمة يدا لانها تعطى باليد واضافة قدم الى الصدق من قبيل اضافة الموصوف الى صفته للمبالغة فى صدقها وتحققها كأنها فى صدقها وتحققها مطبوعة منه وإذا قصد تبيينها لا تبين إلا به وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه قال قَدَمَ صِدْقٍ شفاعة نبيهم لهم هو امامهم الى الجنة وهم بالأثر

گفتى كنم شفاعت عاصى عذر خواه ... دل بر اميد آن كرم افتاد در گناه

قالَ الْكافِرُونَ هم المتعجبون اى كفار مكة مشيرين الى رسول الله عليه السلام إِنَّ هذا لَساحِرٌ مُبِينٌ [جادويست آشكارا] وفيه اعتراف بانهم صادفوا من الرسول أمورا خارقة للعادة معجزة إياهم عن المعارضة واعلم ان الكفار سحرهم سحرة صفات فرعون النفس ولذا صاروا صما بكما عميا عن الحق فهم لا يعقلون الحق ولا يتبعون داعى الحق والنفس جبلت على حب الرياسة وطلب التقدم فلا ترضى ان تكون مرؤوسة تحت غيرها فاصلاحها انما هو بالعبودية التي هى ضد الرياسة والانقياد للمرشد: وفى المثنوى

همچواستورى كه بگريزد زبار ... او سر خود گيرد اندر كوهسار

صاحبش از پى دوان كاى خيره سر ... هر طرف گرگيست اندر قصد خر

استخوانت را بخايد چون شكر ... كه نبينى زندگانى را دگر

هين بمگريز از تصرف كردنم ... وز گرانى بار چون جانت منم

تو ستورى هم كه نفست غالبست ... حكم غالب را بود اى خود پرست

مير آخر بود حق را مصطفا ... بهر استوران نفس پر جفا

لا جرم اغلب بلا بر انبياست ... كه رياضت دادن خامان بلاست

قال عيسى عليه السلام للحواريين اين تنبت الحبة قالوا فى الأرض فقال كذلك الحكمة

<<  <  ج: ص:  >  >>