للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى مستعار للعلم المحقق الذي لا يتطرق اليه شك ولا شبهة بان يشبه هذا العلم بنظر الناظر وإدراكه عين المرئي على سبيل المعاينة والمشاهدة ويطلق عليه لفظ النظر والرؤية على سبيل الاستعارة التصريحية ثم تسرى الاستعارة الى الفعل تبعا قال الكاشفى [تا به بينيم در صورت شهادت بعد از انكه دانستيم در غيب شما كه] كَيْفَ تَعْمَلُونَ [چهـ گونه عمل خواهيد كرد از خير وشر تا با شما بمقتضاى اعمال شما معامله كنيم ان خيرا فخير وان شرا فشر]

چرا آيينه فعلست گويى ... كه در وى هر چهـ كردى مينمايد

اگر كردى نكوئى نيك بينى ... وگر بد كرده بد پيشت آيد

وكيف معمول تعملون فان معنى الاستفهام يحجب ان يعمل فيه ما قبله وفائدته الدلالة على ان المعتبر فى الجزاء جهات الافعال وكيفياتها لا من حيث ذاتها ولذلك يحسن الفعل تارة ويقبح اخرى وفى الحديث (ان الدنيا حلوة خضرة) يعنى حسنة فى المنظر (تعجب الناظر) والمراد من الدنيا صورتها ومتاعها وانما وصفها بالخضرة لان العرب تسمى الشيء الناعم خضراء ولتشبيهها بالخضراوات فى سرعة زوالها وفيه بيان كونها غرارة يفتتن الناس بحسنها: قال الحافظ

خوش عروسست جهان از ره صورت ليكن ... هر كه پيوست بدو عمر خودش كابين داد

قال فى فتح القريب حسنها للنفوس ونضارتها ولذتها كالفاكهة الخضراء الحلوة فان النفس تطلبها طلبا حثيثا فكذلك الدنيا وهى فى الحال حلوة خضراء وفى المآل مرة كدرة نعمت المرضعة وبئست الفاطمة (وان الله مستخلفكم فيها) اى جاعلكم خلفاء فى الدنيا يعنى ان أموالكم ليست هى فى الحقيقة لكم وانما هى لله جعلكم فى التصرف فيها بمنزلة الوكلاء (فناظر كيف تعملون) اى تتصرفون قيل معناه جاعلكم خلفا ممن قبلكم واعطى ما بايديهم إياكم فناظر هل تعتبرون بحالهم وتتدبرون فى مآلهم قال قتادة ذكر لنا عمر رضى الله عنه قال صدق ربنا جعلنا خلفاء الأرض لينظر الى اعمالنا فاروه من أعمالكم خيرا بالليل والنهار والسر والعلانية وفى الآية وعيد لاهل مكة على اجرامهم بتكذيب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ليرتدعوا عن انكار النبوة واستعجال الشر حذرا من ان ينزل بهم عذاب الاستئصال كما نزل بمن قبلهم من المكذبين وهذا الوعيد والتهديد لا يختص بهم فان اهل كل قرن خليفة لمن قبله الى قيام الساعة فعلى العاقل ان يعتبر بمن مضى ويتدارك حاله قبل نزول القضاء قال فى التأويلات النجمية ان لهذه الامة اختصاصا باستحقاق الخلافة الحقيقة التي أودعها الله فى آدم عليه السلام بقوله إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ولهذا السر ما كان فى امة من الأمم من الخلفاء ما كان فى هذه الامة بالصورة والمعنى وللخلافة صورة ومعنى فكما ان صورة الخلافة مبنية على الحكم بين الرعية الصورية بالعدل والتسوية على قانون الشرع والاجناب عن متابعة الهوى والطبع كذلك معنى الخلافة مبنى على الحكم بين الرعية المعنوية وهى الجوارح والأعضاء والقلب والروح والسر والنفس وصفاتها وأخلاقها والحواس الخمس والقوى النفسانية بالحق كما كان سيرة الأنبياء وخواص الأولياء فى طلب الحق ومجانبة الباطل وترك ما سوى الله والوصول الى الله وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>