للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْتُمْ تأكيد للضمير المنتقل اليه من عامله لسده مسده وَشُرَكاؤُكُمْ عطف عليه فَزَيَّلْنا من زلت الشيء عن مكانه ازيله أي أزلته والتضعيف فيه للتكثير لا للتعدية لان ثلاثيه متعد بنفسه وهذا التزييل وان كان مما سيكون يوم القيامة الا انه لتحقق وقوعه صار كالكائن الآن فلذلك جاء بلفظ الماضي بعد قوله نحشر ونقول اى ففرقتا بَيْنَهُمْ وبين الآلهة التي كانوا يعبدونها وقطعنا العلائق والوصل التي كانت بينهم فى الدنيا فخابت أعمالهم وانصرمت عرى اطماعهم وحصل لهم اليأس الكلى من حصول ما كانوا يرجونه من جهتهم والحال وان كانت معلومة لهم من حين الموت والابتلاء بالعذاب لكن هذه المرتبة من اليقين انما حصلت عند المشاهدة والمشافهة وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ التي كانوا يعبدونها ويثبتون الشركة لها وهم الملائكة وعزير والمسيح وغيرهم ممن عبدوه من اولى العلم. وقيل الأصنام ينطقها الله الذي انطق كل شىء ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ مجاز عن براءة الشركاء من عبادة المشركين حيث لم تكن تلك العبادة بامر الشركاء وإرادتهم وانما الآمر بها هو اهواؤهم والشياطين فالمشركون انما عبدوا فى الحقيقة أهواءهم وشياطينهم الذين أغووهم فَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ فانه العالم بكنه الحال إِنْ مخففة من ان واللام فارقة كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لنا لَغافِلِينَ والغفلة عبارة عن عدم الارتضاء وإلا فعدم شعور الملائكة بعبادتهم لهم غير ظاهر وهذا يقطع احتمال كون المراد بالشركاء الشياطين كما قيل فان ارتضاءهم باشراكهم مما لا ريب فيه وان لم يكونوا مجبرين لهم على ذلك كذا فى الإرشاد وهذا بالنسبة الى كون المراد بالشركاء ذوى العلم واما ان كان المراد الأصنام فمن أعظم اسباب الغفلة كونها جمادات لا حس لها ولا شعور البتة هُنالِكَ ظرف مكان اى فى ذلك المقام الدهش او فى ذلك الوقت على استعارة ظرف المكان للزمان تَبْلُوا من البلوى والاختبار. فى الفارسية [بيازمودن] اى تختبر وتذوق كُلُّ نَفْسٍ مؤمنة كانت او كافرة سعيدة او شقية ما أَسْلَفَتْ اى قدمت من العمل فتعاين نفعه وضره واما ما عملت من حالها من حين الموت والابتلاء بالعذاب فى البرزخ فامر مجمل وَرُدُّوا الضمير للذين أشركوا على انه معطوف على زيلنا وما عطف عليه وقوله تعالى هُنالِكَ تَبْلُوا إلخ اعتراض فى أثناء المقرر لمضمونها إِلَى اللَّهِ اى جزائه وعقابه فان الرجوع الى ذاته تعالى مما لا يتصور مَوْلاهُمُ ربهم الْحَقِّ اى المتحقق الصادق ربوبيته لا ما اتخذوه ربا باطلا قال الشيخ فى تفسيره مولاهم الحق اى الذي يتولى ويملك أمرهم حقيقة ولا يشكل بقوله وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ لان المعنى فيه المولى الناصر وفى الاول المالك وَضَلَّ عَنْهُمْ وضاع اى ظهر ضياعه وضلاله لا انه كان قبل ذلك غير ضال او ضل فى اعتقادهم الجازم ايضا ما كانُوا يَفْتَرُونَ من ان آلهتهم تشفع لهم او ما كانوا يدعون انهم شركاء الله واعلم ان اكثر ما اعتمد عليه اهل الايمان يتلاشى ويضمحل عند ظهور حقيقة الأمر يوم القيامة فكيف ما استند اليه اهل الشرك والعصيان- كما حكى- ان الجنيد قدس سره رؤى فى المنام بعد موته فقيل له ما فعل الله بك فقال طاحت تلك الإشارات وفنيت تلك العبارات وأبيدت تلك الرسوم وغابت تلك العلوم وما نفعنا إلا ركيعات كنا نركعها فى السحر

<<  <  ج: ص:  >  >>