للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والباء اما متعلقة بالفعل المذكور على انها للتعدية او بمحذوف وقع حالا من ضمير جاؤا اى ملتبسين بالبينات. والمراد جاء كل رسول بالبينات الكثيرة فان مراعاة انقسام الآحاد الى الآحاد انما هى فيما بين ضميرى جاؤهم فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا اى فما صح وما استقام لقوم من أولئك الأقوام فى وقت من الأوقات ان يؤمنوا بل كان ذلك ممتنعا منهم لشدة شكيمتهم فى الكفر والعناد بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ ما موصولة عبارة عن جميع الشرائع التي جاء بها كل رسول أصولها وفروعها والمراد بيان استمرار تكذيبهم من حين مجيئ الرسل الى زمان الإصرار والعناد فان المحكي آخر حال كل قوم او عبارة عن اصول الشرائع التي أجمعت عليها الرسل قاطبة. والمراد بيان استمرار تكذيبهم من قبل مجيئ الرسل الى زمان مجيئهم الى آخره فالمحكى جميع احوال كل قوم ومعنى تكذيبهم بها قبل مجيئ رسلهم انهم ما كانوا فى زمن الجاهلية بحيث لم يسمعوا بكلمة التوحيد قط بل كان كل قوم من أولئك الأقوام يتسامعون بها من بقايا من قبلهم كثمود من بقايا عاد وعاد من بقايا قوم نوح فيكذبونها ثم كانت حالتهم بعد مجيئهم الرسل كحالتهم قبل ذلك كأن لم يبعث إليهم أحد. وفيه اشارة الى ان اهل الفترة مؤاخذون من جهة الأصول كَذلِكَ الكاف نعت مصدر محذوف اى مثل ذلك الطبع والختم المحكم الممتنع زواله نَطْبَعُ [مهر مى نهيم] عَلى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ المتجاوزين باختيار الإصرار على الكفر اعلم ان الله تعالى قددعا الكل الى التوحيد يوم الميثاق ثم لما وقع التنزل الى هذه النشأة الجسمانية لم يزل الروح الإنساني داعيا الى قبول تلك الدعوة الالهية والعمل بمقتضاها لكن من كان شقيا بالشقاوة الاصلية الازلية لما لم يقبلها فى ذلك اليوم استمر على ذلك فلم يؤمن بدعوة الأنبياء ومعجزاتهم فتكذيب الأنبياء مسبب عن تكذيب الروح وتكذيبه مسبب عن تكذيب الله تعالى يوم الميثاق وهم وان كانوا ممن قال بلى لكن كان ذلك من وراء الحجب حيث سمعوا نداء ألست بربكم من ورائها فلم يفهموا حقيقته وأجابوا بما أجاب به غيرهم لكن تقليدا لا تحقيقا وكما ان الله تعالى طبع على قلوب المكذبين للرسل بسوء اختيارهم وانهماكهم فى الغى والضلال كذلك طبع على قلوب المنكرين للاولياء بسوء معاملاتهم وتهالكهم على التقليد فما دخل فى قلوبهم الاعتقاد وما جرى على ألسنتهم الإقرار كما لم يدخل فى قلوب الأولين التصديق ولم يصدر من ألسنتهم ما يستدل به على التوفيق ثم هم مع كثرتهم قد جاؤا وذهبوا ولم يبق منهم أثر ولا اسم وسيلحق بهم الموجودون ومن يليهم الى آخر الزمان: وفى المثنوى

منبرى كو كه بر آنجا مخبرى ... ياد آرد روزكار منكرى

سكه شاهان همى كردد دكر ... سكه احمد ببين تا مستقر

برزخ نقره ويا روى زرى ... وانما بر سكه نام منكرى

نسأل الله سبحانه ان يجعلنا من اهل التوحيد ويخلصنا وإياكم من ورطة التقليد ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ من بعد هؤلاء الرسل مُوسى ابن عمران وَهارُونَ وهو أخو موسى اكبر منه بثلاث سنين إِلى فِرْعَوْنَ [بسوى وليد بن مصعب با قابوس كه فرعون آن زمان بود]

<<  <  ج: ص:  >  >>