للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الروح فى عالم الغيب كما ان العرش قلب الكائنات فى عالم الشهادة انتهى وَجاءَكَ فِي هذِهِ السورة على ما فسره ابن عباس رضى الله عنهما فى منبر البصرة وعليه الأكثر الْحَقُّ ما هو حق وبيان صدق وتخصيصها بالحكم بمجىء الحق فيها مع ان ما جاءه فى جميع السور حق يحق تدبره وإذعانه والعمل بمقتضاه تشريفا لها ورفعا لمنزلتها وَمَوْعِظَةٌ ونصيحة عظيمة وَذِكْرى وتذكرة لِلْمُؤْمِنِينَ لانهم هم المنتفعون بالموعظة والتذكير بايام الله وعقوبته قال فى الإرشاد اى الجامع بين كونه حقا فى نفسه وكونه موعظة وذكرى للمؤمنين ولكون الوصف الاول حالا له فى نفسه حلى باللام دون ما هو وصف له بالقياس الى غيره وتقديم الظرف اعنى فى هذه على الفاعل لان المقصود بيان منافع السورة لا بيان ذلك فيها لا فى غيرها وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بهذا الحق ولا يتعظون به ولا يتذكرون من اهل مكة وغيرهم اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ

اى حالكم وجهتكم التي هى عدم الايمان إِنَّا عامِلُونَ على حالنا وهو الايمان به والاتعاظ والتذكير به وَانْتَظِرُوا بنا الدوائر والنوائب على ما يعدكم الشيطان إِنَّا مُنْتَظِرُونَ ان ينزل بكم ما نزل بامثالكم من الكفرة على ما وعد الرحمن فهذا تهديد لهم لا ان الآية منسوخة بآية السيف واعلم ان تثبيت القلوب على الدين والطاعة الى الله تعالى لا الى غيره لانه تعالى أسنده الى ذاته الكريمة وان التثبت يكون منه بالواسطة وبغير الواسطة فاما بالواسطة فههنا كما قال ما نُثَبِّتُ بِهِ اى بالانباء عن أقاصيص الرسل كقوله تعالى يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ واما بغير الواسطة فكقوله تعالى وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا وهذا التثبيت من إنزال السكينة فى قلبه بغير واسطة كقوله فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وكقوله هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ واعلم انه كما يزداد الايمان بالسكينة فكذلك يزداد اليقين على اليقين باستماع قصص الانبيا والأمم السالفة كما قيل حكايات الصالحين جند من جنود الله تعالى وهذا لمن يثبت الله به قلبه لا لمن يزداد شكه على الشك وكفره على الكفر كأبى جهل ونحوه لان الله تعالى أودع فى كل شىء لطفه وقهره فمن فتح عليه باب لطفه اغلق عليه باب قهره ومن فتح عليه باب قهره اغلق عليه باب لطفه: قال فى المثنوى

ماهيانرا بحر نگذارد برون ... خاكيانرا بحر نگذارد درون «١»

اصل ماهى ز اب وحيوان از كاست ... حيله وتدبير اينجا باطلست

قفل رفتست وگشاينده خدا ... دست در تسليم زن اندر رضا

ومن فتح الله عليه باب لطفه جاءه الحق من هذا الباب كما قال الله تعالى وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ اى انك لست بقادر ان تجيئ فى هذه بالحق لان أبواب اللطف والقهر مغلوقة والمفتاح بيد الفتاح لا يقدر غير المفتاح ان يفتحه فاذا هو الذي يفتح باب لطفه فى كل شىء على العبد ويجيئ بكرمه فيه اليه بلا كيف ولا اين وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ ليطلبوا الحق من باب لطفه فى كل شىء ولا يطلبوا من باب قهره

اطلبوا الأرزاق من أسبابها ... ادخلوا الأبيات من ابوابها «٢»


(١) در اواسط دفتر سوم در بيان حكايت امير وغلامش كه غاز باره بود إلخ
(٢) در أوائل دفتر سوم در بيان آن مرد كه در عهد داود عليه السلام شب وروز إلخ [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>