للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالأمر والاجتناب عن النهى وقد جعل الله التصرف فى عالم الملك والملكوت فى العمل على وفق الشرع وخلاف الطبع إذ فيه المجاهدة التي هى حمل النفس على المكاره وترك الشهوات ألا ترى ان يوسف عليه السلام لما خالف الطبع ومقتضاه ونهى النفس عن الهوى ورضى بما قسم المولى وصبر على مقاساة شدائد الجب والسجن والعبودية جعله الله تعالى سلطانا فى ارض مصر ففسخ له فى مكانه فكان مكافاة لضيق الجب والسجن وسخر له اهل مصر مجازاة للعبودية وزوجه زليخا بمقابلة كف طبعه عن مقتضاه والتقوى لا بد منها لاهل النعمة والمحنة اما اهل النعمة فتقواهم الشكر لانه وقاية من الكفران وجنة منه واما اهل المحنة فتقواهم الصبر لانه جنة من الجزع والاضطراب فعلى العاقل ان يتمسك بعروة التقوى فانها لا انفصام لها ولها عاقبة حميدة واما غيرها من العرى فلها انفصام وانقطاع وليس لها نتيجة مفيدة كما شوهد مرة بعد اخرى اللهم اعصمنا من الزلل فى طريق الهدى واحفظنا عن متابعة النفس والهوى واجعلنا من الذين عرفوك فوقفوا عند أمرك وتوجهوا إليك فرفضوا علاقة المحبة لغيرك وَجاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ [آورده اند كه اثر قحط بكنعان وبلاد شام رسيده كار بر أولاد يعقوب تنك كرديد وگفتند اى پدر در شهر مصر ملكيست كه همه قحط زد كانرا مى نوازد وكار غربا وأبناء سبيل بدلخواه ايشان مى سازد]

ز احسانش آسوده برنا و پير ... وزو گشته خوش دل غريب وفقير

ببخشش ز ابر بهارى فزون ... صفات كمالش ز غايت برون

[اگر فرمايى برويم وطعامى جهت گرسنگان كنعان بياريم يعقوب اجازت فرمود وبنيامين را جهت خدمت خود باز گرفت وده فرزند ديگر هر يك با شترى وبضاعتى كه داشتند روى براه آوردند ويك شتر جهت بنيامين با بضاعت او همراه بردند] وقال بعضهم لما أجدبت بلاد الشام وغلت أسعارها جمع يعقوب بنيه وقال لهم يا بنى أما ترون ما نحن فيه من القحط فقالوا يا أبانا وما حيلتنا قال اذهبوا الى مصر واشتروا منها طعاما من العزيز قالوا يا نبى الله كيف يطيب قلبك ترسلنا الى فراعنة الأرض وأنت تعلم عداوتهم لنا ولا نأمن ان ينالنا منهم شر وكانت تسمى ارض مصر بأرض الجبابرة لزيادة الظلم والجور فقال لهم يا بنى قد بلغني انه ولى اهل مصر ملك عادل فاذهبوا اليه واقرئوه منى السلام فانه يقضى حاجتكم ثم جهز أولاده العشرة وأرسلهم فذلك قوله تعالى وَجاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ اى ممتارين قالوا لما دنا ملاقاة يعقوب بيوسف وتحول الحال من الفرقة الى الوصلة ومن الألم الى الراحة ابتلى الله الخلق ببلاء القحط ليكون ذلك وسيلة الى خروج أبناء يعقوب لطلب المعاش وهو الى المعارفة والمواصلة وكانت بين كنعان ومصر ثمانى مراحل لكن أبهم الله تعالى ليعقوب عليه السلام مكان يوسف ولم يأذن ليوسف فى تعريف حاله له الى مجيئ الوقت المسمى عند الله تعالى فجاؤا بهذا السبب الى يوسف فى مصر فَدَخَلُوا عَلَيْهِ اى على يوسف وهو فى مجلس حكومته على زينة واحتشام فَعَرَفَهُمْ فى بادئ الرأى وأول النظر لقوة فهمه وعدم مباينة أحوالهم السابقة لحالهم يومئذ لمفارقته إياهم وهم رجال وتشابه هيآتهم وزيهم فى الحالين

<<  <  ج: ص:  >  >>