للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفضل على الناس والاستهانة بمن انزل الله عليه صلى الله عليه وسلم ودل ان عذاب المؤمنين تأديب وتطهير وعذاب الكفار اهانة وتشديد وان المراتب الدنيوية والاخروية كلها من فيض الله تعالى وفضله فليس لاحد ان يعترض عليه ويحسده على الألطاف الإلهية فان الكمالات مثل النبوة والولاية ليست من الأمور الاكتسابية التي يصل إليها العبد بجهد كثير وكمال اهتمام اما النبوة اى البعثة فاختصاص إلهي حاصل لعينه الثابتة من التجلي الموجب للاعيان في العلم وهو الفيض الأقدس واما الولاية فهو ايضا اختصاص الهى غير كسبى بل جميع المقامات كذلك اختصاصية عطائية غير كسبية حاصلة للعين الثابتة من الفيض الأقدس وظهوره بالتدريج بحصول شرائطه وأسبابه يوهم المحجوب فيظن انه كسبى بالتعمل وليس كذلك في الحقيقة فلا معنى للحسد لكن الجاهلين بحقيقة الحال يطيلون ألسنتهم بالقيل والقال ولا ضير فانه رفع لدرجات العبد واقتضت سنة الله ان يشفع اهل الجمال باهل الجلال ليظهر الكمال: قال الحافظ

درين چمن كل بيخار كس نچيد آرى ... چراغ مصطفوى با شرار بو لهبيست

- وحكى- ان المولى جلال الدين لما فقد الشمس التبريزي طاف البلاد بالحرارة في طلبه فمر يوما امام حانوت ذهبى للشيخ صلاح الدين زركوب فقال له تعالى يا مولانا فدخل في حانوته فقال لاى شىء تجزع وتدور قال الفلك إذا فقد شمسه يدور لاجله ليتخلص من ظلمة الفراق فقال الشيخ انا شمسك قال مولانا من اين اعرف انك شمسى فاخبره عن المراتب التي أوصله إليها الشيخ شمس الدين فقبل يده واعتذر فقال كان شمسى أراني اولا بطانته فالآن أراني وجهه فاشتغل عنده فوصل الى ما وصل ثم لما سمعه بعض اتباع مولانا أرادوا قتله وحسدوا عليه فارسل إليهم مولانا ابنه سلطان ولد فقال الشيخ ان الله تعالى أعطاني قدرة على قلب السماء الى الأرض فلو أردت لاهلكتهم بقدرة الله لكن الاولى ان نتحمل وندعو لاصلاح حالهم فدعا الشيخ فأمن سلطان ولد فلانت قلوبهم واستغفروا: قال في المثنوى

چون كنى بربي حسد مكر وحسد ... زان حسد دل را سياهيها رسد

خاك شو مردان حق را زير پا ... خاك بر سر كن حسد را همچوما

وهكذا احوال الأنبياء والأولياء ألا يرى الى قوله عليه الصلاة والسلام (اللهم اهد قومى فانهم لا يعلمون) وكان الاصحاب رضى الله عنهم يبكون دما من اخلاق النفس ولا يزالون يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عما به يتخلصون من الأوصاف الذميمة ويتطهرون ظاهرا وباطنا طلبا للنجاة من العذاب المهين وأشده الفراق وَإِذا قِيلَ لَهُمْ اى وإذا قال اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليهود اهل المدينة ومن حولها ومعنى اللام الإنهاء والتبليغ آمِنُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ من الكتب الإلهية جميعا قالُوا نُؤْمِنُ اى نستمر على الايمان بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا يعنون به التوراة وما انزل على أنبياء بنى إسرائيل لتقرير حكمها ويدسون فيه ان ما عدا ذلك غير منزل عليهم واسندوا الانزال على أنفسهم لان المنزل على نبى منزل على أمته معنى لانه يلزمهم وَهم يَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ اى سوى ما انزل وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>