للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ فلما كلمت الشجرة وأثمرت الحقيقة كانت طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ وهى الرجوع والإياب الى الله نفسه لا الى ما سواه وهذا هو الثمرة الحقيقية يدل عليه قوله فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآباً فعلى هذا يشير بطوبى الى حقيقة شجرة لا اله الا الله فى قلب النبي عليه السلام وفى قلب كل مؤمن منها غصن فافهم جدا: قال الشيخ العطار قدس سره

هر دو عالم بسته فتراك او ... عرش وكرسى كرده قبله خاك او

پيشواى اين جهان وآن جهان ... مقتداى آشكارا ونهارا

كَذلِكَ اى مثل ارسالنا الرسل الى أممهم قبلك يا محمد أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ بمعنى الى كما فى قوله تعالى فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ وفى بحر العلوم وانما عدى الإرسال بفي وحقه ان يعدى بالى لان الامة موضع الإرسال قَدْ خَلَتْ مضت وتقدمت مِنْ قَبْلِها عائد الى امة على لفظها أُمَمٌ أرسلوا إليهم فليس ببدع ارسالك الى أمتك ثم علل الإرسال فقال لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ ضمير عليهم راجع الى امة على معناها اى لتقرأ عليهم الكتاب العظيم الذي أوحينا إليك وهو القرآن وما فيه من شرائع الإسلام وتزينهم بحلية الايمان فان المقصود من نزول القرآن هو العمل بما فيه وتحصيل السيرة الحسنة لا التلاوة المحضة والاستماع المجرد فالعامى المتعبد راجل سالك والعالم المتهاون راكب نائم: قال السعدي [تلميذ بى ارادت عاشق بى زرست ورونده بى معرفت مرغ بي پر وعالم بي عمل درخت بي بر وزاهد بي علم خانه بي در] وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ حال من فاعل أرسلناك اى وحالهم انهم يكفرون بالله الواسع الرحمة ولا يعرفون قدر رحمته وانعامه إليهم بإرسالك وإنزال القرآن العظيم عليهم- وروى- ان أبا جهل سمع النبي عليه السلام وهو فى الحجر يدعو يا الله يا رحمن فرجع الى المشركين وقال ان محمدا يدعو الهين يدعو الله ويدعو آخر يسمى الرحمن ولا نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة يعنى به مسيلمة الكذاب صاحب اليمامة وهى بلدة فى البادية فنزلت هذه الآية قُلْ لهم يا محمد هُوَ اى الرحمن الذي كفرتم به وانكرتم معرفته رَبِّي خالقى ومتولى امرى لا إِلهَ إِلَّا هُوَ خبر بعد خبر اى هو مجامع لهذين الوصفين من الربوبية والالوهية فلا مستحق للعبادة سواه ومعنى لا اله الا هو الواحد المختص بالالهية عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ اليه أسندت امرى فى العصمة من شركم والنصرة عليكم وَإِلَيْهِ لا الى غيره مَتابِ مصدر تاب يتوب وأصله متابى اى مرجعى ومرجعكم فيرحمنى وينتقم لى منكم والانتقام من الرحمن أشد ولدا قيل نعوذ بالله من غصب الحليم: قال الحافظ

بمهلتى كه سپهرت دهد ز راه مرو ... ترا كه گفت كه اين زال ترك دستان گفت

والاشارة ان الأمم لما كفروا بالله كفروا بالرحمن لان الرحمانية قد اقتضت إيجاد المخلوقات فان القهارية كانت مقتضية الواحدية بان لا يكون معه أحد فسبقت الرحمانية القهارية فى إيجاد المخلوقات ولهذا السر قال تعالى إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً فارسل الله الرسل وانزل معهم الكتب ليقرأوا عليهم ويذكروهم بايام الله التي كان الله ولم يكن معه شىء ثم أوجدهم وأخرجهم من العدم الى الوجود وهو الذي رب كل شىء وخالقه ولا اله الا هو واليه المرجع والمآب

<<  <  ج: ص:  >  >>