للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من تبعيضية فالكلام على التشبيه اى كبعضى فى عدم الانفكاك عنى وكذلك قوله (من غشنا فليس منا) اى ليس بعض المؤمنين على ان الغش ليس من أفعالهم واوصافهم وَمَنْ عَصانِي اى لم يتبعنى فانه فى مقابلة تبعني كتفسير الكفر فى مقابلة الشكر بترك الشكر فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ قادر على ان تغفر له وترحمه ابتداء وبعد توبته وفيه دليل على ان كل ذنب فلله تعالى ان يغفره حتى الشرك الا ان الوعيد فرق بينه وبين غيره فالشرك لا يغفر بدليل السمع وهو قوله تعالى إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وان جاز غفرانه عقلا فان العقاب حقه تعالى فيحسن إسقاطه مع ان فيه نفعا للعبد من غير ضرر لاحد وهو مذهب الأشعري وفى التأويلات النجمية قد حفظ الأدب فيما قال ومن عصانى وما قال ومن عصاك لانه بعصيان الله لا يستحق المغفرة والرحمة والاشارة فيه ان من عصانى لعلى لا اغفر له ولا ارحم عليه فان المكافاة فى الطبيعة واجبة ولكن من عصانى فتغفر له وترحم عليه فيكون من غاية كرمك وعواطف إحسانك فانك غفور رحيم وفى الحديث (ينادى مناد من تحت العرش يوم القيامة يا امة محمد امّا ما كان لى من قبلكم فقد وهبت لكم) [يعنى كناهى كه در ميان من وشماست بخشيدم] (وبقيت التبعات فتواهبوها وادخلوا الجنة برحمتي) والتبعات جمع تبعة بكسر الباء ما اتبع به من الحق وذكر ان يحيى بن معاذ الرازي رحمه الله قال الهى ان كان ثوابك للمطيعين فرحمتك للمذنبين انى وان كنت لست بمطيع فارجو ثوابك وانا من المذنبين فارجو رحمتك

نصيب ماست بهشت اى خدا شناس برو ... كه مستحق كرامت كناهكارانند

رَبَّنا [اى پروردگار ما] والجمع لان الآية متعلقة بذريته فالتعرض لوصف ربوبيته تعالى لهم ادخل فى القبول إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي اى بعض ذريتى وهم إسماعيل ومن ولد منه فان إسكانه متضمن لاسكانهم بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ هو وادي مكة فانها حجرية لا تنبت اى لا يكون فيها شىء من زرع قط كقوله تعالى قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ بمعنى لا يوجد فيه اعوجاج وما فيه الا الاستقامة لا غير وفى تفسير الشيخ لانها واد بين جبلين لم يكن بها ماء ولا حرث وفى بحر العلوم واما فى زماننا فقد رزق الله اهله ماء جاريا عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ ظرف لاسكنت كقولك صليت بمكة عند الركن وهو الكعبة والاضافة للتشريف وسمى محرما لانه عظيم الحرمة حرم الله التعرض له بسوء يوم خلق السماوات والأرض وحرم فيه القتال والاصطياد وان يدخل فيه أحد بغير إحرام ومنع عنه الطوفان فلم يستول عليه ولذلك سمى عتيقا لانه أعتق منه وفى التأويلات النجمية عند بيتك المحرم وهو القلب المحرم ان يكون بيتا لغير الله كما قال (لا يسعنى ارضى ولا سمائى وانما يسعنى قلب عبدى المؤمن)

آنكه ترا كوهر كنجينه ساخت ... كعبه جان در حرم سينه ساخت

رَبَّنا كرر النداء لاظهار كمال العناية بما بعده لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ اللام لام كى متعلقة باسكنت اى ما اسكنتهم بهذا الوادي البلقع الخالي من كل مرتفق ومرتزق الا لاقامة الصلاة عند بيتك المحرم لدلالة قوله بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ على انه لا غرض له دنيوى فى إسكانهم عند

<<  <  ج: ص:  >  >>