للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان من الرجال من فى قلبه ريبة يتأخر الى آخر صف الرجال ومن النساء من فى قلبها ريبة تتقدم الى أول صف النساء لتقرب من الرجال فنزلت وفى الحديث (خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها) قال فى فتح القريب هذا ليس على عمومه بل محمول على ما إذا اختلطن بالرجال فاذا صلين متميزات لا مع الرجال فهن كالرجال ومن صلى منهن فى جانب بعيد عن الرجال فاول صفوفهن خير لزوال العلة والمراد بشر الصفوف فى الرجال والنساء كونها اقل ثوابا وفضلا وأبعدها عن مطلوب الشرع وخيرها بعكسه. وانما فضل آخر صفوف النساء الحاضرات مع الرجال لبعدهن عن مخالطة الرجال ورؤيتهن وتعلق القلب بهن عند رؤية حركاتهن وسماع كلامهن ونحو ذلك. وذم أول صفوفهن لعكس ذلك والصف الاول الممدوح الذي وردت الأحاديث بفضله والحث عليه هو الذي يلى الامام سواء كان صاحبه على بعد من الامام او قرب وسواء تخلله مقصورة او منبرا واعمدة ونحوها أم لا هذا هو الصحيح وقيل الصف الاول هو المتصل من طرف المسجد الى طرفه لا تتخلله مقصورة ونحوها فان تخلل الذي يلى الامام شىء فليس باول بل الاول ما لم يتخلله شىء وان تأخر وقيل الصف الاول عبارة عن مجيئ الإنسان الى المسجد اولا وان صلى فى صف متأخر وعن انس رضى الله تعالى عنه حض رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصف الاول فى الصلاة فازدحم الناس عليه وكان بنو عذرة دورهم قاصية عن المسجد فقالوا نبيع دورنا ونشترى دورا قريبة من المسجد فانزل الله تعالى هذه الآية يعنى انما يؤجرون بالنية وفى الحديث (ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات) قالوا بلى يا رسول الله قال (إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطى الى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة) قال فى فتح القريب الدار البعيدة لمن يقدر على المشي أفضل وهذا فى حق من هو متفرغ لذلك ولا يفوته بكثرة خطاه او مشيه الى المسجد مهم من مهمات الدين فان كان يفوته ذلك كالاشتغال بالعلم والتعلم والتعليم ونحو ذلك من فروض الكفاية فالدار القريبة فى حقه أفضل وكذا الضعيف عن المشي ونحوه فان قيل روى الامام احمد فى مسنده ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (فضل البيت القريب من المسجد على البعيد منه كفضل المجاهد على القاعد عن الجهاد) فالجواب ان هذا فى نفس البقعة وذاك فى الفعل فالبعيد دارا مشيه اكثر وثوابه أعظم والبيت القريب أفضل من البيت البعيد ولهذا قيل فى قوله صلى الله عليه وسلم (الشؤم فى ثلاث المرأة والدار والفرس) ان شؤم الدار ان تكون بعيدة عن المسجد لا يسمع

ساكنها الاذان قال العلماء ينبغى ان يستثنى من افضلية الا بعد الامام فان النبي عليه السلام والائمة بعده لم تتباعد عن المسجد لطلب الاجر واختلف فيمن قربت داره من المسجد هل الأفضل له ان يصلى فيه او يذهب الى الأبعد فقالت طائفة الصلاة فى الأبعد أفضل عملا بظاهر الأحاديث وقيل الصلاة فى الأقرب أفضل لما روى الدار قطنى ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا صلاة لجار المسجد الا فى المسجد) ولاحياء حق المسجد ولما له من الجوار فان كان فى جواره مسجد ليس فيه جماعة وبصلاته فيه تحصل الجماعة كان فعلها فى مسجد الجوار أفضل على المذهب لما فى ذلك من عمارة المسجد واحيائه بالجماعة اما لو كان

<<  <  ج: ص:  >  >>