للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما تورع عن حرام ولو يعلم العبد قدر عقوبة الله لبخع نفسه) اى أهلكها فى عبادة الله تعالى (ولما اقدم على ذنب) واعلم ان اسباب المغفرة كثيرة أعظمها العشق والمحبة فان الله تعالى انما خلق الانس والجن للعبادة الموصلة الى المعرفة الالهية والجذبة الربانية: قال الحافظ

هر چند غرق بحر گناهم ز شش جهت ... گر آشناى عشق شوم غرق رحمتم

واسباب العذاب ايضا كثيرة أعظمها الجهل بالله تعالى وصفاته فعلى العاقل ان يجتهد فى طريق العشق والمحبة والمعرفة الى ان يصل الى المراد ويستريح من تعب الطلب والاجتهاد فان الواصل الى المنزل مستريح وقد قيل الصوفي من لا مذهب له واما من بقي فى الطريق فهو فى إصبعي الرحمن لا يزال يتقلب من حال الى حال ومن أمن الى خوف وبالعكس الى ان تنقطع الإضافات وعند ذلك يعتدل حاله ويستقيم ميزان علمه وعمله فيعبد الله تعالى الى ان يأتيه اليقين وهو الموت وَنَبِّئْهُمْ واخبر أمتك يا محمد عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ يستوى فيه القليل والكثير اى أضيافه وهو جبريل مع أحد عشر ملكا على صورة الغلمان الوضاء وجوههم جعلهم ضيفا لانهم كانوا فى صورة الضيف او لكونهم ضيفا فى حسبان ابراهيم عليه السلام إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ ظرف لضيف فانه مصدر فى الأصل فَقالُوا عند دخولهم عليه سَلاماً اى نسلم سلاما قال سلام فما لبث ان جاء بعجل حنيذ فلما رأى أيديهم لا تصل اليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالَ ابراهيم إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ خائفون فان الوجل اضطراب النفس لتوقع مكروه وانما قاله عليه السلام حين امتنعوا من أكل ما قربه إليهم من العجل الحنيذ لما ان المعتاد عندهم انه إذا نزل بهم ضيف فلم يأكل من طعامهم ظنوا انه لم يجيئ بخير لا عند ابتداء دخولهم قالُوا اى الملائكة لا تَوْجَلْ لا تخف يا ابراهيم إِنَّا نُبَشِّرُكَ استئناف فى معنى التعليل للنهى عن الوجل فان المبشريه لا يكاد يحوم حول ساحته خوف ولا حزن كيف لا وهو بشارة ببقائه وبقاء اهله فى عافية وسلامة زمانا طويلا. والبشارة هو الاخبار بما يظهر سرور المخبر به. والمعنى بالفارسية [بدرستى ترا مژده ميدهيم] بِغُلامٍ [به بشرى إسحاق نام] عَلِيمٍ اى إذا بلغ. يعنى [وقتى كه بلوغ رسد علم نبوت بوى خواهد رسيد] قالَ أَبَشَّرْتُمُونِي [آيا بشارت ميدهيد مرا] عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ واثر فىّ والاستفهام للتعجب والاستبعاد عادة وعلى بمعنى مع اى مع مس الكبر بان يولد لى اى ان الولادة امر مستنكر عادة مع الكبر وامر عجيب من بين هرمين وهو حال اى أبشرتموني كبيرا او بمعنى بعد اى بعد ما أصابني الكبر والهرم فَبِمَ تُبَشِّرُونَ هى ما الاستفهامية دخلها معنى التعجب كأنه قيل فبأى اعجوبة تبشرون وفى التفسير الفارسي [پس بچهـ نوع مژده ميدهيد مرا] وهو بفتح النون مع التخفيف لانها نون الجماعة وقرئ بكسر النون مع التخفيف لان أصله تبشروني حذفت الياء وأقيم الكسر مقامها قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ اى بما يكون لا محالة فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ من الآيسين من ذلك فان الله تعالى قادر على ان يخلق بشرا بغير أبوين فكيف من شيخ فان وعجوز عاقر وكان مقصده عليه السلام استعظام نعمته تعالى عليه فى ضمن التعجب العادي المبنى على سنة الله المسلوكة

<<  <  ج: ص:  >  >>