للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مانالها أحد من العالمين الا سيد المرسلين وخاتم النبيين عليه الصلاة والسلام من الأزل الى الابد وهو انه تعالى اقسم بحياته فانيا عن نفسه باقيا بربه كما قال تعالى إِنَّكَ مَيِّتٌ اى ميت عنك حى بنا وهو مختص بهذا المقام المحمود انتهى

چون نبى از هستىء خود سر بتافت ... فرق پاكش از لعمرك تاج يافت

داشت از حق زندگى در بندگى ... شد لعمرك جلوه آن زندگى

واعلم ان الله تعالى قد اقسم بنفسه فى القرآن فى سبعة مواضع والباقي من القسم القرآنى قسم بمخلوقاته كقوله وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ. وَالصَّافَّاتِ. وَالشَّمْسِ. وَالضُّحى ونحوها فان قلت ما الحكمة فى معنى القسم من الله تعالى فان كان لاجل المؤمن فالمؤمن يصدق بمجرد الاخبار من غير قسم وان كان لاجل الكافر فلا يفيده قلت ان القرآن نزل بلغة العرب ومن عادتها القسم إذا أرادت ان تؤكد امرا فان قلت ما الحكمة فى ان الله تعالى قد اقسم بالخلق وقد ورد النهى عن القسم بغير الله تعالى قلت فى ذلك وجوه أحدها انه على حذف مضاف اى ورب التين ورب الشمس وواهب العمر والثاني ان العرب كانت تعظم هذه الأشياء وتقسم بها فنزل القرآن على ما يعرفون والثالث ان الاقسام انما يكون بما يعظم المقسم او يجله وهو فوقه والله تعالى ليس فوقه شىء فاقسم ثارة بنفسه وثارة بمصنوعاته فان القسم بالمصنوعات يستلزم القسم بالصانع لان ذكر المفعول يستلزم ذكر الفاعل إذ يستحيل وجود مفعول بغير فاعل فهو يقسم بما شاء من خلقه وليس لاحد ان يقسم الا بالله وهذا كالنهى عن الامتنان قال الله تعالى بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ وعن تزكية النفس ومدحها وقد مدح الله تعالى نفسه وقد اقسم الله تعالى بالنبي عليه الصلاة والسلام فى قوله لَعَمْرُكَ ليعرف الناس عظمته عند الله ومكانته لديه فالقسم اما لفضيلة او لمنفعة كقوله وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وكان الحلف بالآباء معتادا فى الجاهلية فلما جاء الله تعالى بالإسلام نهاهم الرسول عليه السلام عن الحلف بغير الله تعالى واختلف فى الحلف بمخلوق والمشهور عند المالكية كراهيته وعند الحنابلة حرام وقال النووي هو عند أصحابنا مكروه وليس بحرام قيد العراقي ذلك فى شرح الترمذي بالحلف بغير اللات والعزى وملة الإسلام فاما الحلف بنحو هذا فحرام والحكمة فى النهى عن الحلف بغير الله تعالى ان الحلف يقتضى تعظيم المحلوف به وحقيقة العظمة مختصة بالله تعالى لا يضاهى بها غيرها وقسمه تعالى بما شاء من مخلوقاته تنبيه على شرف المحلوف به فهو سبحانه ليس فوقه عظيم يحلف به فتارة يحلف بنفسه وتارة بمخلوقاته كما فى الفتح القريب. ويمكن ان يكون المراد بقولهم لعمرى وأمثاله ذكر صورة القسم لتأكيد مضمون الكلام وترويجه فقط لانه أقوى من سائر المؤكدات واسلم من التأكيد بالقسم بالله تعالى لوجوب البر به وليس الغرض اليمين الشرعي وتشبيه غير الله تعالى به فى التعظيم وذكر صورة القسم على هذا الوجه لا بأس به كما قال عليه السلام (قد أفلح وأبيه) كذا فى الفروق فَأَخَذَتْهُمُ اى قوم لوط الصَّيْحَةُ اى صيحة جبريل عليه السلام مُشْرِقِينَ اى حال كونهم داخلين فى وقت شروق الشمس وهو بالفارسية [بر آمدن خورشيد] وكان ابتداء العذاب حين أصبحوا كما قال أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ وتمامه حين اشرقوا لان جبريل قلع الأرضين بهم

<<  <  ج: ص:  >  >>