للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورفعها الى السماء ثم هوى بها نحو الأرض ثم صاح بهم صيحة عظيمة فالجمع بين مصبحين ومشرقين باعتبار الابتداء والانتهاء فمقطوع على حقيقته فان دلالة اسمى الفاعل والمفعول على الحال وحال القطع هو حال المباشرة لا حال انقضائه لانه مجاز حينئذ وذلك ان تقول مقطوع بمعنى بقطع عن قريب فَجَعَلْنا عالِيَها [زبر آن شهرستانها را] سافِلَها زير آن يعنى زير وبر كردانيم آنرا] وذلك بان رفعناها الى قريب من السماء على جناح جبريل ثم قلبناها عليهم فصارت منقلبة بهم وقوله عاليها مفعول أول لجعلنا وسافلها مفعول ثان له وهو ادخل فى الهول والفظاعة من العكس وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ فى تضاعيف ذلك قبل تمام الانقلاب حِجارَةً كائنة مِنْ سِجِّيلٍ من طين متحجر عليه اسم من يرمى به فهلكوا بالخسف والحجارة قال فى القاموس السجيل كسكيت حجارة كالمدر معرب [سنك كل] او كان طبخت بنار جهنم وكتب فيها اسماء القوم او قوله تعالى مِنْ سِجِّيلٍ اى من سجل مما كتب لهم انهم يعذبون بها قال تعالى وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ كِتابٌ مَرْقُومٌ والسجيل بمعنى السجين قال الأزهري هذا أحسن ما مر عندى وأبينها انتهى وفى الكواشي وأمطرنا على شذاذهم اى على من غاب عن تلك البلاد إِنَّ فِي ذلِكَ اى فيما ذكر من القصة من تعرض قوم لوط لضيف ابراهيم طمعا فيهم وقلب المدينة على من فيها وامطار الحجارة عليها وعلى من غاب منهم لَآياتٍ لعلامات يستدل بها على حقيقة الحق ويعتبر لِلْمُتَوَسِّمِينَ اى المتفكرين المتفرسين الذين يبسطون فى نظرهم حتى يعرفوا حقيقة الشيء وباطنه بسمته. وبالفارسية [مر خداوندان فراست را كه بزيركى در نكرند وحقيقت ايشان بسمات آن بشناسند] يقال تو سمت فى فلان كذا اى عرفت وسمه فيه اى اثره وعلامته وتوسم الشيء تحيره وتفرسه وَإِنَّها [وبدرستى كه آن شهرستانهاى مؤتفكه] لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ اى طريق ثابت يسلكه الناس ويرون آثار تلك البلاد بين مكة والشام لم تندرس بعد فاتعظوا بآثارهم يا قريش إذ أذهبتم الى الشام لانها فى طريقكم إِنَّ فِي ذلِكَ اى فى كون آثار تلك القرى بمرأى من الناس يشاهدونها فى ذهابهم وإيابهم لَآيَةً عظيمة لِلْمُؤْمِنِينَ بالله رسوله فانهم الذين يعرفون ان ما حاق بهم من العذاب الذي ترك ديارهم بلاقع انما حاق بهم لسوء صنيعهم واما غيرهم فيحملون ذلك على الاتفاق او الأوضاع الفلكية. وافراد الآية بعد جمعها فيما سبق لما ان المشاهد هاهنا بقية الآثار لاكل القصة كما فيما سلف وقال فى برهان القرآن ما جاء فى القرآن من الآيات فلجمع الدلائل وما جاء من الآية فلو حدانية المدلول عليه فلما ذكر عقيبه المؤمنين وهم مقرون بوحدانية الله تعالى وحد الآية انتهى وفى الآيات فائدتان الاولى مدح الفراسة وهى الاصابة فى النظر وفى الحديث (ان كان فيما مضى قلبكم من الأمم محدثون) المحدث بفتح الدال المشددة هو الذي يلقى فى نفسه شىء فيخبر به فراسة ويكون كما قال وكأنه حدثه الملأ الأعلى وهذه منزلة جليلة من منازل الأولياء (فانه ان كان فى أمتي هذه فانه عمر بن الخطاب) لم يرد النبي عليه السلام بقوله ان كان فى أمتي التردد فى ذلك لان أمته أفضل الأمم وإذا وجد فى غيرها محدثون ففيها اولى بل أراد بها التأكيد لفضل عمر كما يقال ان يكن لى صديق فهو فلان يريد بذلك اختصاصه

<<  <  ج: ص:  >  >>