للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مختلفا ألوانه هيآته من خضرة وبياض وحمرة وسواد وغير ذلك وفى اكثر التفاسير وماذرأ معطوف على الليل والنهار اى وسخر لكم ما خلق لاجلكم وتعقب بان ذكر الخلق لهم مغن عن ذكر التسخير واعتذر بان الاول لا يستلزم الثاني لزوما عقليا لجواز كون ما خلق لهم عزيز المرام صعب المنال إِنَّ فِي ذلِكَ الذي ذكر من التسخيرات ونحوها لَآيَةً دالة على ان من هذا شأنه واحد لا شريك له لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ فان ذلك غير محتاج الا الى تذكر ما عسى يغفل عنه من العلوم الضرورية والاشارة وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ ليل البشرية وَالنَّهارَ نهار الروحانية وَالشَّمْسَ شمس الروح وَالْقَمَرَ قمر القلب وَالنُّجُومُ نجوم القوى والحواس الخمس مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ وهو خطاب وتسخيرها استعمالها على وفق الشريعة وقانون الطريقة بمعالجة طبيب حاذق البصيرة والولاية كامل التصرف فى الهداية مخصوص بالعناية إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لشاهدات لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ بشواهد الحق من غير التفكر بل بالمعاينات وَما ذَرَأَ لَكُمْ وما خلق لمصالحكم فِي الْأَرْضِ فى ارض جبلتكم من الاستعدادات مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ منها ملكية ومنها شيطانية ومنها حيوانية إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ عبور أرواحهم على هذه العوالم المختلفة وتلونها فى كل عالم بلون ذلك العالم من عوالم الملكية والشيطانية والحيوانية الى ان ردت الى أسفل سافلين القالب كذا فى التأويلات النجمية فعلى العاقل ان يتخلص من قيد الغفلة ويربط نفسه بسلسلة اهل التذكر قال محمد بن فضل ذكر اللسان كفارات ودرجات وذكر القلب زلفى وقربات والتذكر من شأن القلب والقلب امير الجسد وأسير الحق وفى الحديث (لولا ان الشياطين يحومون على قلوب بنى آدم لنظروا الى ملكوت السموات) وفى هذه اشارة الى الأسباب التي هى حجاب بين القلب وبين الملكوت واصحاب القلوب من الانس ثلاثة صنف كالبهائم قال الله تعالى لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وصنف أجسادهم أجساد بنى آدم وأرواحهم أرواح الشياطين وصنف فى ظل الله تعالى يوم لا ظل الا ظله كذا فى الخالصة: قال السعدي قدس سره

ترا ديده در سر نهادند وكوش ... دهن جاى گفتار ودل جاى هوش

مگر باز دانى نشيب از فراز ... نكويى كه اين كوتهست يا دراز

يعنى ان الله تعالى خلق كل عضو من الأعضاء بالحكمة فاستعملوها فيما خلقت له وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ قال فى القاموس البحر الماء الكثير او الملح فقط والجمع أبحر وبحور وبحار انتهى وفى الكواشي سخر البحر العذب والملح اى جعله بحيث تتمكنون من الانتفاع به بالركوب والغوص والاصطياد قال بعضهم هذه البحور على وجه الأرض ماء السماء النازل وقت الطوفان فان الله تعالى امر الأرض بعد هلاك القوم فابتلعت ماءها وبقي ماء السماء لم تبتلعه الأرض واما البحر المحيط فغير ذلك بل هو جزر عن الأرض حين خلق الله الأرض من زبده ويجوز ركوب البحر بشرط علم السباحة وعدم دوران الرأس والا فقد القى نفسه الى التهلكة واقدم على ترك الفرائض وذلك للرجال والنساء كما قاله الجمهور وكره ركو به للنساء لان حالهن على الستر وذا متعسر فى السفينة غالبا لا سيما فى الزورق وهى السفينة الصغيرة لِتَأْكُلُوا مِنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>