للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون متخلقا بأخلاق الله وهذا يكون بعد العبور عن الحجب الظلمانية والنورانية تمكنا فى مقعد صدق عند مليك مقتدر فهو الذي جعل بينه وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا ولم يقل ساترا لان الحجاب يستر الواصل عن المنقطع ولا يستر المنقطع عن الواصل فيكون الواصل بالحجاب مستورا عن المنقطع كافى التأويلات النجمية وفيه اشارة ايضا الى ان من تحصن بكتابه فهو فى حصن حصين والمضيع لوقته من تحصن بعلمه او بنفسه فيكون هلاكه فى موضع امنه

هركة او بيرون شد از حصن خدا ... جان او آخر شد از جسمش جدا

مرد حق بين كى كند تكيه بغير ... هر قضا چون از خدا آيد بسير

وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً اغطية كثيرة جمع كنان وهو الغطاء أَنْ يَفْقَهُوهُ مفعول له اى كراهة ان يفهموا القرآن على كنهه ويعرفوا انه من عند الله تعالى وهو على رأى الكوفيين ولا يرضاه البصريون لقلة حذف لا بالنسبة الى حذف المضاف وهذا تمثيل لتجافى قلوبهم عن الحق ونبوها عن قبوله واعتقاده كأنها فى غلف واغطية تحول بينها وبينه وتمنع من نفوذه فيها كما فى بحر العلوم يقول الفقير ذلك التجافي والنبو انما هو من تراكم الحجب المعنوية على القلب والفطرة الاصلية وان كانت مقتضية للفقه والإدراك والخروج الى نور العلم لكن ظلمة تلك الحجب مانعة عن ذلك فالكلام وان كان واردا فى صورة التمثيل لكنه على حقيقته فى نفس الأمر وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً صمما ونقلا مانعا عن سماعه اللائق به وهو تمثيل لمج أسماعهم للحق ونبوها عن الإصغاء اليه كأن بها صمما يمنع عن سماعه ولما كان القرآن معجزا من حيث اللفظ والمعنى اثبت لمنكريه ما يمنع عن فهم المعنى حق فهمه وادراك اللفظ حق إدراكه وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ اى واحدا غير مشفوع به آلهتهم اى إذا قلت لا اله الا الله وهو مصدر وقع موقع الحال أصله تحده وحده بمعنى واحدا وحده اى منفردا فحذف الفعل الذي هو الحال وأقيم المصدر مقامه وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ [باز كردند كافران بر پشتهاى خود] اى هربوا ونفروا نُفُوراً هو مصدر كالقعود او جمع نافر اى اعرضوا ورجعوا حال كونهم نافرين والنفور [برميدن] كما فى التهذيب نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ ملتبسين بِهِ من اللغو والاستخفاف والهزؤ بك وبالقرآن فمحل به حال كما نقول يستمعون بالهزء اى هازئين فالباء للملابسة ويجوز ان تكون للسببية اى بسببه ولاجله- ويروى- انه كان يقوم عن يمينه صلى الله عليه وسلم إذا قرأ رجلان من عبد الدار وعن يساره رجلان فيصفقون ويصفرون ويخلطون عليه بالاشعار إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ ظرف لا علم وفائدته تأكيد الوعيد بالأخبار بانه كما يقع الاستماع المزبور منهم يتعلق به العلم لان العلم يستفاد هناك من أحد وكذا قوله تعالى وَإِذْ هُمْ نَجْوى لكن لا من حيث تعلقه بما به الاستماع بل بما به التناجي المدلول عليه بسياق النظم. والمعنى نحن اعلم بالذي يستمعون ملتبسين به مما لا خير فيه من الأمور المذكورة وبالذي يتناجون به فيما بينهم ونجوى مرفوع على الخبر بتقدير المضاف اى ذووا نجوى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ بدل من إذ هم ووضع الظالمون موضع المضمر للدلالة على ان هذا القول منهم ظلم وتجاوز عن الحد وفيه دليل على ان ما يتناجون به

<<  <  ج: ص:  >  >>