للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الى ان اختصاص بعض العباد بتشريف الاضافة الى نفسه يؤدى الى تأثير نظر العناية فيهم فيخرج منهم القول الأحسن والفعل الأحسن والخلق الأحسن. اما القول الأحسن فهو الدعاء الى الله بلا اله الا الله مخلصا. واما الفعل الأحسن فهو ما كان على قانون الشريعة وآداب الطريقة متوجها الى عالم الحقيقة. واما الخلق الأحسن فهو مع الله بان يسلم وجهه لله محسنا فى طلبه ومع الخلق بان يحسن إليهم بلا طمع فى الإحسان والشكر منهم ويتجاوز عن إساءتهم اليه ويعيش فيهم بالنصيحة يأمرهم بالمعروف بلا عنف وينهاهم عن المنكر بلا فضيحة إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ يقال نزغ بينهم أفسد واغرى ووسوس اى يفسد ويهيج الشر والمراء بينهم فلعل المخاشنة بهم تفضى الى العناد وازدياد الفساد وفى التأويلات إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إذا لم يعيشوا بالنصيحة فينبغى لعقلاء كل زمان ان يكونوا فى باب النصيحة مثل الاصحاب رضى الله عنهم بحيث ان حالهم ومعاملتهم مع اهالى زمانهم لا يتفاوت على حالهم لو كانوا فى زمن الرسول صلى الله عليه وسلم إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ قدما لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً ظاهر العداوة لا يزيد صلاحهم أصلا بل يريد هلاكهم وقد ابان عداوته لهم إذا خرج أباهم من الجنة ونزع عنه لباس النور رَبُّكُمْ ايها المشركون أَعْلَمُ بِكُمْ منا إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ بالتوفيق للايمان أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ بالاماتة على الكفر فهو تفسير للتى هى احسن وما بينهما اعتراض اى قولوا لهم هذه الكلمة وما يشاء كلها ولا تصرحوا بانهم من اهل النار فانه مما يهيجهم على الشر مع ان العاقبة مما لا يعلمه الا الله فعسى يهديهم الى الايمان هذا ما ذهب اليه صاحب الكشاف وتبعه البيضاوي وابو السعود رحمهما الله وقال الجمهور المراد بالتي هى احسن هى المحاورة الحسنة بحسب المعنى والرحمة الانجاء من كفار مكة واذاهم والتعذيب تسليطهم عليهم فيكون الخطاب فى ربكم للمؤمنين وفى التأويلات هو اعلم بمن جعله منكم مظهر صفة لطفه ورحمته فيرحمه ويخلصه من إضلال الشيطان واغوائه وبمن جعله منكم مظهر صفة قهره وعذابه فيعذبه بإضلاله واغوائه وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا موكولا إليك يا محمد أمورهم ومفوضا تجبرهم على الايمان كما قال لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ وإِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً ونذيرا فدارهم ومر أصحابك بالمداراة والاحتمال وترك المخاصمة وعنه عليه السلام (ان الله أمرني بمداراة الناس كما أمرني باقامة الفرائض) : حافظ

آسايش دو كيتى تفسير اين دو حرفست ... با دوستان تلطف با دشمنان مدارا

كما قال بعضهم فى عيش الإنسان الكامل [با خدا بصدق. وبا خلق بانصاف. وبا نفس بقهر. وبا زير دستان بشفقت. وبا بزركان بحرمت. وبا دوستان بنصيحت. وبا دشمنان بمدارا. وبا علما بتواضع وبا درويشان بسخا. وبا جاهلان بخاموشى وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وتفاصيل أحوالهم الظاهرة والباطنة التي بها يستأهلون الاصطفاء والاجتباء فيختار منهم لنبوته وولايته من يستحقه وهو رد لاستبعاد قريش ان يكون يتيم ابى طالب نبيا وان يكون العراة الجوع أصحابه كصهيب وبلال وخباب وغيرهم دون ان يكون ذلك فى بعض الا كابر والصناديد وذكر من فى السموات لابطال قولهم لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ وذكر من فى الأرض لرد قولهم لَوْلا

<<  <  ج: ص:  >  >>