للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صار قادرا على قلب الأعيان وكانت الدنيا مسخرة له فلو أراد طويت له الأرض وإذا شاء مشى على الماء وإذا أحب طار فى الهواء ويدخل النار فاتبع سببا كل مقدور فصار مقدورا له بالخلافة فى الأرض ما كان مقدورا لنا بالاصالة فى السماء والأرض انتهى يقول الفقير انما بدأ بالسير الى المغرب اشارة الى كون ترتيب السلوك عروجا فان المغرب اشارة الى الأجسام والمشرق الى الأرواح فمادام لم يتم سير الأجسام من الأكوان لا يحصل الترقي الى عالم الأرواح ثم الى عالم الحقيقة حَتَّى إِذا بَلَغَ [تا چون رسيد] مَغْرِبَ الشَّمْسِ اى منتهى الأرض من جهة المغرب بحيث لا يتمكن أحد من مجاوزته ووقف على حافة البحر المحيط قال الشيخ اى بلغ قوما فى جهة ليس وراءهم أحد لانه لا يمكنه ان يبلغ موضع غروب الشمس قال فى التبيان ولما وصل ذو القرنين الى مغرب الشمس يطلب عين الحياة قال له شيخ هى خلف ارض الظلمة ولما أراد ان يسلك فى الظلمة سأل أي الدواب فى الليل ابصر قالوا الخيل فقال أي الخيل ابصر قالوا الإناث فقال أي الإناث ابصر قالوا البكارة فجمع من عسكره ستة آلاف فرس كذلك فركبوا الرماك وترك بقية عسكره فدخلوا الظلمات فساروا يوما وليلة فاصاب الخضر العين لانه كان على مقدمة جيشه صاحب لوائه الأكبر فشرب منها واغتسل واخطأ ذو القرنين: قال الحافظ

فيض ازل بزور زر ار آمدى بدست ... آب خضر نصيبه إسكندر آمدى

فساروا على حصحاص من حجارة لا يدرون ما هى فسألوه عنها فقال الإسكندر خذوا من هذه الحجارة ما استطعتم فانه من اقل منها ندم ومن اكثر منها ندم فاخذوا وملئوا مخالي دوابهم من تلك الحجارة فلما خرجوا نظروا الى ما فى مخاليهم فوجدوه زمردا اخضر فندموا كلهم لكونهم لم يكثروا من ذلك وَجَدَها اى رأس الشمس تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ اى ذات حمأة وهى الطين الأسود. بالفارسية [آب مكدر لاى آميز] من خمئت البئر إذا كثرت حمأتها ولعله لما بلغ ساحل البحر رآها كذلك إذ ليس فى مطمح نظره غير الماء كراكب البحر ولذلك قال وَجَدَها تَغْرُبُ ولم يقل كانت تغرب وقال بعضهم لما بلغ موضعا لم يبق بعده عمارة فى جانب المغرب وجد الشمس كأنها تغرب فى وهدة مظلمة كما ان راكب البحر يراها كأنها تغرب فى البحر إذا لم ير الشط وهى فى الحقيقة تغيب وراء البحر والا فقد علم ان الأرض كرة والسماء محيطة بها والشمس فى الفلك وجلوس قوم فى قرب الشمس غير موجود والشمس اكثر من الأرض بمرات كثيرة فكيف يعقل دخولها فى عين من عيون الأرض قال السمرقندي رحمه الله فى بحر العلوم فان قيل قد ورد فى الحديث ان الشمس تشرق من السماء الرابعة ظهرها الى الدنيا ووجهها يشرق لاهل السموات وعظمها مثل الدنيا ثلاثمائة مرة او ما شاء الله فكيف يمكن دخولها فى عين من عيون الأرض قلنا ان قدرة الله تعالى باهرة وحكمته بالغة فالله تعالى قادر ان يدخل السموات السبع والأرضين السبع فى أصغر شىء وأحقره فما ظنك بما فيها من الشمس وغيرها انتهى وفى التأويلات فان قال قائل انا قد علمنا ان الشمس فى السماء الرابعة ولها فلك خاص يدور بها فى السماء فكيف يكون غروبها فى عين حمئة قلنا ان الله تعالى لم يخبر عن حقيقة غروبها فى عين حمئة وانما اخبر عن وجدان ذى القرنين غروبها فيها فقال وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وذلك ان ذا القرنين ركب

<<  <  ج: ص:  >  >>