للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأعين أسرارهم فى غطاء الالتفات الى التكوين عن شواهد المكون وأعين أرواحهم فى غطاء تذكار ما سوى الله تعالى عن ذكر الله تعالى فاذا فتحت العين الباطنة بالمشاهدة فتحت العين الظاهرة بنظر الاعتبار وكذا السمع بظاهر السمع تابع لسمع الباطن ويدخل فى سماع كلام الحق سماع سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم وسير الصالحين أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا الهمزة للانكار والتوبيخ على معنى انكار الواقع واستقباحه كما فى قولك أضربت أباك لانكار الوقوع كما فى أتضرب أباك والفاء للعطف على مقدر تفصح عنه الصلة على توجيه الإنكار والتوبيخ الى المعطوفين جميعا اى أكفروا بي مع جلالة شأنى فحسبوا وظنوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي من الملائكة وعيسى وعزير وهم تحت سلطانى وملكوتى مِنْ دُونِي مجاوزين إياي اى تاركين عبادتى أَوْلِياءَ معبودين ينصرونهم من بأسى على معنى ان ذلك ليس من الاتخاذ فى شىء لما انه انما يكون من الجانبين وهم عليهم السلام منزهون عن ولايتهم بالمرة لقولهم سبحانك أنت ولينا من دونهم وقيل مفعوله الثاني محذوف اى أفحسبوا اتخاذهم نافعالهم والوجه هو الاول لان فى هذا تسليما لنفس الاتخاذ واعتدادا به فى الجملة كذا فى الإرشاد إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ هيأناها لِلْكافِرِينَ المعهودين نُزُلًا وهو ما يعد للنزيل والضيف اى أحضرنا جهنم للكافرين كالنزل المعد للضيف وفيه تهكم بهم كقوله فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ وايماء الى ان لهم وراء جهنم من العذاب ما هى أنموذج له وهو كونهم محجوبين عن رؤية الله تعالى كما قال تعالى كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ جعل الصلىّ اى الدخول تاليا فى المرتبة للمحجوبية فهو دونها فى الرتبة وفسره ابن عباس رضى الله عنهما بموضع النزول والمثوى. فالمعنى بالفارسية [منزل ومأوايى كه براى مهمان آرند ودرين معنى تهكم است بر آنكه ايشانرا عذابها خواهد بود كه دوزخ در پيش آن چيزى محقر باشد] وفى الاية اشارة الى ان من ادعى محبة الله وولاءه لا يتخذ من دون الله اولياء إذ لا يجتمع ولاية الحق وولاية الخلق ومن كفر بنعمة الولاء واتخذ من دون الله اولياء فله جهنم البعد والقطيعة ابدا وقد قال بعض المحققين أبت المحبة ان تستعمل محبا لغير محبوبه وحب الله تعالى قطب تدور عليه الخيرات واصل جامع لانواع الكرامات وعلامته الجريان على موجب الأمر والنهى كما قال بعضهم نزه ربك وعظمه من ان يراك حيث نهاك او يفقدك حيث أمرك فالذين كفروا أضاعوا ايامهم بالكفر والآثام وعبدوا المعدوم وهو ما سوى الله الملك العلام وأكلوا وشربوا فى الدنيا كالانعام فلا جرم جعل الله لهم جهنم نزلا وشر مقام واما المؤمنين فقد جاهدوا فى الله بالطاعات واشتغلوا بالرياضات والمجاهدات وما عبدوا غير الموجود الحقيقي فى وقت من الأوقات فلا جرم احسن الله إليهم بالدرجات العاليات فالخلاص والنجاة فى التوجه الى الله رفيع الدرجات- حكى- انه كان ملك مشرك جبار فأخذه المسلمون فجعلوه فى قمقمة ووضعوها فى نار شديدة فاسلم وتضرع الى الله تعالى فامطرت السماء فخرجت ريح شديدة والقتها فى مملكة فرآها اهل تلك المملكة وسألوه فقال انا الملك الفلاني فلما أسلمت وتضرعت الى الله خلصنى من الشدة فاسلم اهل تلك المملكة لمارأوا عظم قدرة

<<  <  ج: ص:  >  >>