للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنعوتون بما ذكر من ضلال السعى مع الحسبان المزبور الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ بدلائله الداعية الى التوحيد عقلا ونقلا وَلِقائِهِ بالبعث وما يتبعه من امور الآخرة على ما هى عليه فَحَبِطَتْ بطلت بذلك أَعْمالُهُمْ المعهودة حبوطا كليا فلا يثابون عليها فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ اى لاولئك الموصوفين بما مر من حبوط الأعمال وَزْناً اى فنزدرى بهم ولا نجعل لهم مقدارا واعتبارا [بلكه خوار ومبتذل خواهند بود] لان مداره الأعمال الصالحة وقد حبطت بالمرة وحيث كان هذا الازدراء من عواقب حبوط الأعمال عطف عليه بطريق التفريع واما ما هو من اجزية الكفر فسيجيئ بعد ذلك وفى الحديث (يؤتى بالرجل الطويل الأكول الشروب فلا يزن جناح بعوضة) اى لا يوضع له قدر لخساسته وكفره وعجبه (اقرأوا ان شئتم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا) اى لا نضع لاجل وزن أعمالهم ميزانا لانه انما يوضع لاهل الحسنات والسيئات من الموحدين ليتميز به مقادير الطاعات والمعاصي ليترتب عليه التكفير او عدمه لان ذلك فى الموحدين بطريق الكمية واما الكفر فاحباط للحسنات بحسب الكيفية دون الكمية فلا يوضع لهم الميزان قطعا وفى التأويلات النجمية لان وزن الاشخاص والأعمال فى ميزان القيامة انما يكون بحسب الصدق والإخلاص فمن زاد إخلاصه زاد ثقل وزنه ومن لم يكن فيه وفى اعماله اخلاص لم يكن له ولا لعمله وزن ومقدار كما قال الله تعالى وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ اى بلا اخلاص فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً فلا يكون للهباء المنثور وزن ولا قيمة ذلِكَ اى الأمر ذلك وقوله تعالى جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ جملة مبينة له بِما كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آياتِي وَرُسُلِي هُزُواً يعنى بسبب كفرهم وإنكارهم لما يجب ايمانهم وإقرارهم به واتخاذهم القرآن وغيره من الكتب الالهية ورسل الله وأنبياءه سخرية واستهزاء من قبيل الوصف بالمصدر للمبالغة يعنى انهم بالغوا فى الاستهزاء بآيات الله ورسله فكأنهم جعلوها وإياهم عين الاستهزاء او المعنى مهزوا بهما او مكان هزء واعلم ان العلماء ورثة الأنبياء وعلومهم مستنبطة من علومهم فكما ان العلماء العاملين ورثة الأنبياء والمرسلين فى علومهم وأعمالهم كذلك المستهزءون بهم ورثة ابى جهل وعقبة ونحوهما فى استهزائهم وضلالهم ومن استهزاء ابى جهل بالنبي صلى الله عليه وسلم انه كان يخلج بانفه وفمه خلف رسول الله يسخر به فاطلع عليه عليه السلام يوما فقال (كن كذلك) فكان كذلك الى ان مات. ومن استهزاء عقبة به عليه السلام انه بصق يوما فى وجه النبي صلى الله عليه وسلم فعاد بصاقه على وجهه وصار برصا وفى حقه نزل وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ اى فى النار يأكل احدى يديه الى المرفق ثم يأكل الاخرى فتنبت الاولى فيأكلها وهكذا كذا فى انسان العيون وفى الحديث (ان المستهزئين بالناس يفتح لاحدهم باب من الجنة فيقال هلم هلم فيجيئ بكربه وغمه فاذا جاء اغلق دونه فما يزال كذلك حتى ان الرجل ليفتح له الباب فيقال هلم هلم فما يأتيه) كما فى الطريقة اللهم اجعلنا من اهل الجد لا من اهل الهزل ووفقنا للعمل بما فى القرآن الجزل إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا فى الدنيا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ من الأعمال وهى ما كانت خالصة لوجه الله تعالى كانَتْ لَهُمْ فى علم الله تعالى جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ [بهشتهاى فردوس يعنى بوستانهاى مشتمل بر أشجار كه

<<  <  ج: ص:  >  >>