للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السامري قبضة تراب من اثر براق جبرائيل فنبذها فى صورة العجل المتخذة من حلى القوم فخار العجل بسراية الحياة فيه وقيل سماه روحا مجازا محبة له وتقريبا كقولك أنت روحى لمن تحب فَتَمَثَّلَ لَها

[پس متمثل شد جبريل براى مريم] يعنى فتشبه لاجلها فانتصاب قوله بَشَراً

على انه مفعول به سَوِيًّا

تام الخلق كامل البنية لم يفقد من حسان نعوت الآدمية شيأ وذلك لتستأنس بكلامه وتتلقى منه ما يلقى إليها من كلماته تعالى إذ لو بدا لها على الصورة الملكية لنفرت منه ولم تستطع استماع كلامه ولانه جاء للنفخ المنتج للبشر فتمثل بشرا ولو جاء على صورة الملك لجاء عيسى على صورة الروحانيين كمالا يخفى وفيه اشارة الى ان القربان بعد الطهر التام اطهر والولد اذن أنجب فافهم وفى التأويلات الروح هو نور كلمة الله التي يعبر عنها بقوله كن وانما سمى نور كلمته روحا لانه به يحيى القلوب الميتة كما قال أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ الآية فتارة يعبر عن الروح بالنور وتارة يعبر عن النور بالروح كقوله وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا الآية فارسل الله الى مريم نور كلمة كن فتمثل لها بشرا سويا كما تمثل نور التوحيد بحروف لا اله الا الله والذي يدل على ان عيسى من نور الكلمة قوله تعالى وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ اى نور من لقائه فلما تمثلت الكلمة بالبشر أنكرتها مريم ولم تعرفها فاستعاذت بالله منه قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ

يا شاب ذكره تعالى بعنوان الرحمانية للمبالغة فى العياذ به تعالى واستجلاب آثار الرحمة الخاصة التي هى العصمة مما دهمها قال فى الكشاف دل على عفافها وورعها انها تعوذت بالله من تلك الصورة الجميلة إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا

تتقى الله وتبالي بالاستعاذة به وجواب الشرك محذوف ثقه بدلالة السياق عليه اى فانى عائذة به وقال الكاشفى [يعنى تومتقى ومتورعى من از تو پرهيز ميكنم و پناه بحق ميبرم فكيف كه چنين نباشى] قال الشيخ قى تفسيره وانما قالت ذلك لان التقى يتعظ بالله ويخاف والفاسق يخوف بالسلطان والمنافق يخوف بالناس كما قال فى التأويلات النجمية يعنى انك ان كنت تقيا من اهل الدين تعرف الرحمن فلا تقربنى بعوذى به وان كنت شقيا لا تعرف الرحمن فاتعوذ منك بالخلق فاجابها قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ

يريد انى لست ممن يتوقع منه ما توهمت من الشر وانما انا رسول ربك الذي استعذت به لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً

اى لاكون سببا فى هبته بالنفخ فى الدرع زَكِيًّا

طاهرا من الذنوب ولوث الظلمة النفسانية الانسانية قالَتْ استبعادا ظاهرا اى متعجبة من حيث العادة لا مستبعدة من حيث القدرة أَنَّى يَكُونُ لِي [چكونه بود مرا] غُلامٌ كما وصف وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ اى والحال انه لم يباشرنى بالنكاح رجل فان المس كناية عن الوطئ الحلال اما الزنى فانما يقال خبث بها او فجر او زنى وانما قيل بشر مبالغة فى بيان تنزهها عن مبادى الولادة وَالحال انه لَمْ أَكُ بَغِيًّا فعول بمعنى الفاعل أصله بغويا قال الشيخ فى تفسيره ولم يقل بغية لانه وصف غالب على المؤنث كحائض اى فاجرة تبغى الرجال. وبالفارسية [زناكار وجوينده فجور] يريد نفى الوطئ مطلقا وان الولد اما من النكاح الحلال او الحرام اما الحلال فلانها لم يمسها بشر واما الحرام فلانها لم تك بغيا فاذا انتفى السببان جميعا انتفى الولد وفى التأويلات

<<  <  ج: ص:  >  >>