للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ كما فى اسباب النزول وسفينة الأبرار وفى الحديث (نقوا براجمكم) وهى مفاصل الأصابع والعقد التي على ظهرها يجتمع فيها الوسخ واحدها برجمة وما بين العقدتين يسمى راجبة والجمع رواجب وذلك مما يلى ظهرها وهو قصبة الإصبع فلكل إصبع برجمتان وثلاث رواجب الا الإبهام فان له برجمة وراجبتين فامر بتنقيته لئلا يدرن فيبقى فيه الجنابة ويحول الدرن بين الماء والبشرة ذكره القرطبي وقال بعض المفسرين هو حكاية لقول جبريل حين استبطأه رسول الله لما سئل عن اصحاب الكهف وذى القرنين والروح فلم يدر كيف يجيب ورجا ان يوحى اليه فيه فابطأ عليه أربعين يوما او خمسة عشر فشق عليه ذلك مشقة شديدة وقال المشركون ودعه ربه وقلاه فلما نزل ببيان ذلك قال له (ابطأت علىّ حتى ساء ظنى واشتقت إليك) فقال جبريل انى كنت أشوق ولكنى عبد مأمور إذا بعثت نزلت وإذا حبست احتبست فانزل الله هذه الآية وسورة والضحى. والتنزل النزول على مهل لانه مطاوع للتنزيل والمعنى قال الله لجبريل قل لمحمد وما نتنزل وقتا غب وقت الا بامر الله على ما تقتضيه حكمته لَهُ اى لله بالاختصاص ما بَيْنَ أَيْدِينا من الأمور الاخروية الآتية وَما خَلْفَنا من الأمور الدنيوية الماضية وَما بَيْنَ ذلِكَ ما بين ما كان وما سيكون اى من هذا الوقت الى قيام الساعة وفى التأويلات النجمية لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا من التقدير الأزلي وَما خَلْفَنا من التدبير الابدى وَما بَيْنَ ذلِكَ من ازل الى الابد انتهى ونظيره قوله تعالى يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا [فراموشكار يعنى از حال تو آگاهست هر كاه كه خواهد ما را بتو فرستد] قال اهل التفسير فعيل بمعنى فاعل من النسيان بمعنى الترك اى تاركا لك كما زعمت الكفرة وان تأخر عنك الوحى لمصلحة او بمعنى نقيض الذكر الذي هو الغفلة اى غافلا عنك رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ خبر مبتدأ محذوف اى هو مالكهما وَما بَيْنَهُما من الخلق فكيف يجوز النسيان على الرب فَاعْبُدْهُ اى إذا كان هو الرب فاثبت على عبادته يا محمد والعبادة قيام العبد بما تعبد به وتكلف من امتثال الأوامر والنواهي وفى التأويلات النجمية فَاعْبُدْهُ بجسدك ونفسك وقلبك وسرك وروحك فعبادة جسدك إياه بأركان الشريعة وهى الائتمار بما أمرك الله به والانتهاء عما نهاك الله عنه وعبادة نفسك بآداب الطريقة وهى ترك موافقة هواها ولزوم مخالفة هواها وعبادة القلب الاعراض عن الدنيا وما فيها والإقبال على الآخرة ومكارمها وعبادة السر خلوه عن تعلقات الكونين اتصالا بالله تعالى ومحبة وعبادة الروح ببذل الوجود لنيل الشهود وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ اى اصبر لمشاقها ولا تحزن بإبطاء الوحى واستهزاء الكفرة وشماتتهم بك فانه يراقبك ويراعيك ويلطف بك فى الدنيا والآخرة. وتعديه الاصطبار باللام لا بحرف الاستعلاء كما فى قوله وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لتضمنه معنى الثبات للعبادة فيما تورد عليه من الشدائد والمشاق كقولك للمبارز اصطبر لقرنك اى اثبت له فيما يورد عليك من شدائده وحملاته هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا السمى الشريك فى الاسم والمثل والشبيه اى مثلا يستحق ان يسمى الها وانما قيل للمثل سمى لان كل متشاكلين يسمى كل واحد منهما باسم المثل والشبيه والنظير وكل واحد منهما سمى لصاحبه او أحدا يسمى الله غيره فان المشركين

<<  <  ج: ص:  >  >>