للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه السلام والمعنى مثل ذلك القص البديع الذي سمعت نقص عليك يا محمد بعض الحوادث الماضية الجارية على الأمم السالفة لاقصا ناقصا عنه تبصرة لك وتوفيرا لعلمك وتكثيرا لمعجزاتك وتذكيرا للمستبصرين من أمتك وفيه وعد بتنزيل أمثال ما مر من اخبار القرون الخالية: وبالفارسية [همچنانچهـ اين قصه موسى بر تو خوانديم مى خوانيم بر تو اى محمد از خبرها آنچهـ بتحقيق كذشته است يعنى از امور ماضيه وقرون سابقه ترا خبر ميدهيم تا معجزه نبوت تو بود وتنبيه مستبصران امت تو] وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا متعلق بآتينا اى من عندنا ذِكْراً اى كتابا شريفا مطويا على هذه الأقاصيص والاخبار حقيقا بالتفكر والاعتبار وفى الكبير فى تسميته به وجوه. الاول انه كتاب فيه ذكر ما يحتاج اليه فى امر دينهم ودنياهم. والثاني ان يذكر انواع آلاء الله ونعمائه وفيه التذكير والموعظة. والثالث فيه الذكر والشرف لك ولقومك وقد سمى الله كل كتبه ذكرا فقال فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ قال بعض الكبار اى موعظة تتعظ بها وتتأدب بملازمتها فلا يخفى عليك شىء من أسرارنا وما اودعناه اسرار الذين كانوا قبلك من الأنبياء فتكون الأنبياء مكشوفين لك وأنت فى ستر الحق مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ عن ذلك الذكر العظيم الشأن الجامع لوجوه السعادة والنجاة فلم يعتبر ولم يعمل به لانكاره إياه ومن شرطية او موصولة وأياما كانت فالجملة صفة لذكر فَإِنَّهُ اى المعرض عنه يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً عقوبة ثقيلة على كفره وسائر ذنوبه وتسميتها وزرا تشبيها فى ثقلها على المعاقب وصعوبة احتمالها بالحمل الذي يفدح الحامل وينقض ظهره خالِدِينَ فِيهِ اى ماكثين فى الوزر حال من المستكن فى يحمل والجمع بالنظر الى معنى من لما ان الخلود فى النار مما يتحقق حال اجتماع أهلها وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلًا اى بئس لهم حملا وزرهم واللام للبيان كأنه لما قيل ساء قيل لمن يقال هذا فاجيب لهم وإعادة يوم القيامة لزيادة التقرير وتهويل الأمر وفى التأويلات النجمية يشير الى ان من اعرض عن الذكر الحقيقي الذي به قامت حقيقة الايمان والإيقان والعرفان فانه يحمل يوم القيامة حملا ثقيلا من الكفر والنفاق والشرك والجهل والعمى وقساوة القلب والرين والختم والأخلاق الذميمة والبعد والحسرة والندامة وخسر حقيقة العبودية ودوام الذكر ومراقبة القلب وصدق التوجه لقبول الفيض الإلهي الذي هو حقيقة الذكر الذي اوله ايمان وأوسطه ايقان وآخره عرفان فالذكر الايمانى يورث الاعراض عن الدنيا والإقبال على الآخرة بترك المعاصي والاشتغال بالطاعات والذكر الايقانى يورث ترك الدنيا وزخارفها حلالها وحرامها وطلب الآخرة ودرجاتها منقطعا إليها والذكر العرفانى يوجب قطع تعلقات الكونين والتبكير الى سعادة الدارين فى بذل الوجود على شواهد المشهود انتهى فاعلى المراتب فى الذكر فناء الذاكر فى المذكور فلا يبقى للنفس هناك اثر- روى- انه كثر الزنى فى بغداد وكثر الفسق فقيل للشبلى لولا ذكرك لا حرقنا البلدة فلما سمعه بعض اهل النفس قال أليس لنا ذكر فقال الشبلي ذكركم بوجود النفس وذكرى بالله واعلم ان التوحيد أفضل العبادات وذكر الله اقرب القربات وقد وقت الله العبادات كلها كالصلاة والصيام والحج ونحوها بالمواقيت الا الذكر فانه امر به على كل حال قياما وقعودا

<<  <  ج: ص:  >  >>