للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستخفاف بخلاف الانزال فان الانزال ذكره الله فى الأشياء التي نبه على شرفها كانزال القرآن والملائكة والمطر وغير ذلك والهبوط ذكره حيث نبه على البغض نحو وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وقال فَاهْبِطْ مِنْها فَما يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ اى بعض أولادكم عدو لبعض فى امر المعاش كما عليه الناس من التجاذب والتحارب فيكون نظير قوله تعالى فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ اى جعل أولادهما وجمع الخطاب باعتبار انهما اصل الذرية ومآله بعضكم يا ذرية آدم عدو لبعض وفى التأويلات النجمية يشير الى انه جعل فيما بينهم العداوة لئلا يكون لهم حبيب الا هو كما قال تعالى عن ابراهيم عليه السلام فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ ولما اختص آدم منهم بالاجتباء والاصطفاء واهبطه الى الأرض معهم للابتلاء وعده بالاهتداء فقال فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ يا ذرية آدم وحواء مِنِّي هُدىً كتاب ورسول والأصل فان يأتينكم وما مزيدة لتأكيد معنى الشرط وما هذه مثل لام القسم فى دخول النون المؤكدة معها وانما جئ بكلمة الشك إيذانا بان إتيان الهدى بطريق الكتاب والرسول ليس بقطعى الوقوع وانه تعالى ان شاء هدى وان شاء ترك لا يجب عليه شىء ولك ان تقول إتيان الكتاب والرسول لما لم يكن لازم التحقق والوقوع ابرز فى معرض الشك وأكد حرف الشرط والفعل بالنون دلالة على رجحان جهة الوقوع والتحقق فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ اى فمن آمن بالكتاب وصدق بالرسول فَلا يَضِلُّ فى الدنيا عن طريق الدين القويم مادام حيا وَلا يَشْقى فى الآخرة بالعقاب: يعنى [برنج نيفتد در آخرت وبعقوبت وعذاب مبتلا نشود] وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي اى الكتاب الذاكر لى والرسول الداعي الىّ والذكر يقع على القرآن وغيره من كتب الله كما سبق فَإِنَّ لَهُ فى الدنيا مَعِيشَةً ضَنْكاً ضيقا مصدر وصف به مبالغة ولذلك يستوى فيه المذكر والمؤنث. والمعنى معيشة ذات ضنك وذلك لان نظره مقصور على اغراض الدنيا وهو يتهالك على ازديادها وخائف من انتقاصها بخلاف المؤمن الطالب الآخرة مع انه قد يضيق الله عليه بشؤم الكفر ويوسع ببركة الايمان واعلم ان من عقوبة المعصية ضيق المعيشة والرد الى النفس والأجناس والأكوان من ضيق المعيشة وفى التأويلات النجمية الهدى فى الحقيقة نور يقذفه الله فى قلوب أنبيائه وأوليائه ليهتدوا به اليه وفى الصورة العلماء السادة والمشايخ القادة بعد الأنبياء والمرسلين فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ بالتسليم والرضى والاسوة الحسنة فَلا يَضِلُّ عن طريق الحق وَلا يَشْقى بالحرمان وحقيقة الهجران وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي اى عن ملازمة ذكرى فى اتباع هداى اى إذا جاءه فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً اى يعذب قلبه بذل الحجاب وسد الباب فان الذكر مفتاح القلوب والاعراض عنه سد بابها

ذكر حق مفتاح باشد اى سعيد ... تا نبكشايى در جان بي كليد

چون ملك ذكر خدا را كن غذا ... اين بود دائم معاش أوليا

وَنَحْشُرُهُ اى المعرض قال فى بحر العلوم الحشر يجئ بمعنى البعث والجمع والاول هو المراد هنا يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى فاقد البصر كما فى قوله تعالى وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا

<<  <  ج: ص:  >  >>