للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجنكم كانوا على افجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكى شيأ) فعلى العاقل التمسك بكلمة التوحيد حذرا من وقوع الوعيد وفى الحديث (لتدخلن الجنة كلكم الا من ابى) قيل يا رسول الله من ذا الذي ابى قال (من لم يقل لا اله الا الله قبل ان يحال بينكم وبينها فانها كلمة التوحيد وهى العروة الوثقى وهى ثمن الجنة) ثم ان تأخير العقوبة يتضمن لحكم منها رجوع التائب وانقطاع حجة المصر فينبغى للعاقل المكلف ان يتعظ بمواعظ القرآن الكريم ويتقى القادر الحكيم ويجتهد فى الطاعة والانقياد ولا يكون أسوأ من الجماد مع ان الإنسان اشرف المخلوقات وأبدع المصنوعات عن جعفر طيار رضى الله عنه قال كنت مع النبي عليه السلام فى طريق فاشتد على العطش فعلمه النبي عليه السلام وكان حذاءنا جبل فقال عليه السلام (بلغ منى السلام الى هذا الجبل وقل له يسقيك ان كان فيه ماء) قال فذهبت اليه وقلت السلام عليك ايها الجبل فقال بنطق فصيح لبيك يا رسول رسول الله فعرضت القصة فقال بلغ سلام الى رسول الله وقل له منذ سمعت قوله تعالى فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ بكيت لخوف ان أكون من الحجارة التي هى وقود النار بحيث لم يبق فىّ ماء يقال من لم ينزجر بزواجر القرآن ولم يرغب فى الطاعات فهذا أشد قسوة من الحجارة وأسوأ حالا من الجمادات نسأل الله تليين القلوب فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ اى إذا كان الأمر على ما ذكر من ان تأخير عذابهم ليس باهمال بل امهال وانه لازم لهم البتة فاصبر على ما يقولون فيك من كلمات الكفر والنسبة الى السحر والجنون الى ان يحكم فيهم فان علمه عليه السلام بانهم معذبون لا محالة مما يسليه ويحمله على الصبر وفى التأويلات النجمية على ما يقول اهل الاعتراض والإنكار لانك محتاج فى التربية الى ذلك لتبلغ الى مقام الصبر انتهى قال بعضهم هذا منسوخ بآية السيف وفى الكبير هذا غير لازم لجواز ان يقاتل ويصبر على ما يسمع منهم من الأذى قال الراغب الصبر حبس النفس على ما يقتضيه العقل والشرع او عما يقتضيان حبسها عنه فالصبر لفظ عام وربما خولف بين أسمائه بحسب اختلاف مواقعه فان كان حبس النفس لمصيبة يسمى صبرا لا غير ويضاده الجزع وان كان فى محاربة سمى شجاعة ويضاده الجبن وان كان فى نائبة سمى رحب الصدر ويضاده الضجر وان كان فى إمساك الكلام سمى كتمانا ويضاده البذل وقد سمى الله تعالى كل ذلك صبرا ونبه عليه بقوله وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وقال تعالى وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ ويسمى الصوم صبرا لكونه كالنوع له وَسَبِّحْ ملتبسا بِحَمْدِ رَبِّكَ اى صل حامدا لربك على هدايته وتوفيقه بطريق اطلاق اسم الجزء على الكل لان التسبيح وذكر الله تعالى يفيد السلوة والراحة وينسى جميع ما أصاب من الغموم والأحزان أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ المراد صلاة الفجر وفى الخبر (ان الذكر والتسبيح الى طلوع الشمس أفضل من اعتاق ثمانين رقبة من ولد إسماعيل) خص إسماعيل بالذكر لشرفه وكونه أبا العرب وَقَبْلَ غُرُوبِها يعنى صلاتى الظهر والعصر لانهما قبل غروبها بعد زوالها وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ اى بعض ساعاته جمع انى بالكسر والقصر كمعى وأمعاء واناء بالفتح والمد فَسَبِّحْ فصل والمراد المغرب والعشاء وتقديم الوقت فيهما

<<  <  ج: ص:  >  >>