للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جماعتان رَتْقاً على حذف المضاف اى ذواتى رتق بمعنى ملتزقتين ومنضمتين لافضاء بينهما ولا فرج فان الرتق هو الضم والالتحام خلقة كان او صنعة فَفَتَقْناهُما الفتق الفصل بين المتصلين وهو ضد الرتق اى ففصلنا وفرقنا إحداهما عن الاخرى بالريح وفى الحديث المشهور (أول ما خلق الله جوهرة فنظر إليها بنظر الهيبة فذابت وارتعدت من خوف ربها فصارت ماء ثم نظر إليها نظر الرحمة فجمد نصفها فخلق منه العرش وارتعد العرش فكتب عليه لا اله الا الله محمد رسول الله فسكن العرش فترى الماء يرتعد الى يوم القيامة) وذلك قوله تعالى وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ اى العذب (ثم حصل من تلاطم الماء ادخنة متراكمة بعضها على بعض وزبد فخلق منها السموات والأرض طباقا

وكانتا رتقا وخلق الريح فيها ففتق بين طباق السموات وطباق الأرض) كما اخبر بقوله ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ وانما خلقها من دخان ولم يخلقها من بخار لان الدخان خلق متماسك الاجزاء يستقر عند منتهاه والبخار يتراجع وذلك من كمال علمه وحكمته (ثم بعد ذلك مد الزبد على وجه الماء ودحاه فصار أرضا بقدرته) وذلك قوله تعالى وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها [وكفته اند آسمان بسته بود از وى باران نمى آمد وزمين بسته بود ازو كياه نمى رست ما آن را بباران واين را بگياه كشاديم] يعنى فتق السماء وهى أشد الأشياء وأصلبها بألين الأشياء وهو الماء وكذلك فتق الأرض بألين الأشياء وهو النبات مع شدتها وصلابتها فان قيل المفتوقة بالمطر هى سماء الدنيا فما معنى الجمع قلنا جمع السموات لان لها مد خلافى الأمطار إذا لتأثير انما يحصل من جهة العلو واعلم ان الفتق صفة الله تعالى كالعلم والقدرة وغيرهما فهو ازلى والمفتوق حادث بحدوث التعلق كما فى العلم وغيره من الصفات التي لا يلزم من قدمها قدم متعلقاتها فتكون تعلقاتها حادثة. فقول البيضاوي ان الفتق عارض خطأ كما فى بحر العلوم وَجَعَلْنا خلقنا مِنَ الْماءِ الماء جسم سيال قد أحاط حول الأرض كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ اى كل حيوان عرف الماء باللام قصدا الى الجنس اى جعلنا مبدأ كل شىء حى من هذا الجنس اى جنس الماء وهو النطفة كما فى قوله تعالى وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ اى كل فرد من افراد الدواب من نطفة معينة هى نطفة أبيه المختصة به او كل نوع من انواع الدواب من نوع من انواع المياه وهو نوع النطفة التي تختص بذلك النوع من الدواب يقول الفقير قد فرقوا بين الحي والحيوان بان كل حيوان حى وليس كل حى حيوانا كالملك فالظاهر ما جاء فى بعض الروايات من (ان الله تعالى خلق الملائكة من ريح خلقها من الماء وآدم من تراب خلقه منه والجن من نار خلقها منه) وقال بعضهم يدخل فى الآية النبات والشجر لنمائهما بالماء والحياة قد تطلق على القوة النامية الموجودة فى النبات والحيوان كما فى المفردات ويدل على حياتهما قوله تعالى يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كما فى الكبير أَفَلا يُؤْمِنُونَ [آيا نمى كردند مشركان با وجود اين آيات واضحه] وفى التأويلات النجمية يشير بقوله أَوَلَمْ يَرَ الى فَفَتَقْناهُما الى ان أرواح المؤمنين والكافرين خلقت قبل السموات والأرض كما قال عليه السلام (ان الله خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي الف عام) وفى رواية (باربعة آلاف سنة وكان خلق السموات والأرض

<<  <  ج: ص:  >  >>