للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

او انه قد نزع منه مغمز الشيطان فالمراد من الاستعاذة تحذير غيره من شر الشيطان ثم ان الشيطان يوسوس فى صدور الناس فيغوى كل أحد من الرجال والنساء ويوقع الأشرار فى البدع والأهواء وفى الحديث (صنفان من اهل النار لم أرهما) يعنى فى عصره عليه السلام لطهارة ذلك الصر بل حدثا بعده (قوم معهم سياط) يعنى أحدهما قوم فى أيديهم سياط جمع سوط تسمى تلك السياط فى ديار العرب بالمقارع جمع مقرعة وهى جلدة طرفها مشدود عرضها كعرض الإصبع الوسطى يضربون بها السارقين عراة قيل هم الطوافون على أبواب الظلمة كالكلاب يطردون الناس عنها بالضرب والسباب (كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء) يعنى ثانيهما نساء (كاسيات) يعنى فى الحقيقة (عاريات) يعنى فى المعنى لانهن يلبسن ثيابا رقاقا تصف ما تحتها او معناه عاريات من لباس التقوى وهن اللاتي يلقين ملاحفهن من ورائهن فتنكشف صدورهن كنساء زماننا او معناه كاسيات بنعم الله عاريات عن الشكر يعنى ان نعيم الدنيا لا ينفع فى الآخرة إذا خلا عن العمل الصالح وهذا المعنى غير مختص بالنساء (مميلات) اى قلوب الرجال الى الفساد بهن او مميلات أكتافهن واكفالهن كما تفعل الراقصات او مميلات مقانعهن عن رؤسهن لتظهر وجوههن (مائلات) الى الرجال او معناه متبخترات فى مشيهن (رؤسهن كاسنمة البخت) يعنى يعظمن رؤسهن بالخمر والقلنسوة حتى تشبه اسنمة البخت او معناه ينظرن الى الرجال برفع رؤسهن (المائلة) لان أعلى السنام يميل لكثرة شحمه (لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وان ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا) اى من مسيرة أربعين عاما حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ حتى التي يبتدأ بها الكلام دخلت على الجملة الاسمية وهى مع ذلك غاية لما قبلها متعلقة بيصفون اى يستمرون على سوء الذكر حتى إذا جاء أحدهم كافرا اى أحد كان الموت الذي لامر دله وظهرت له احوال الآخرة قالَ تحسرا على ما فرط فيه من الايمان والعمل رَبِّ يا رب ارْجِعُونِ ردنى الى الدنيا والواو لتعظيم المخاطب لان العرب تخاطب الواحد الجليل الشان بلفظ الجماعة وفيه رد على من يقول الجمع للتعظيم فى غير المتكلم انما ورد فى كلام المولدين ثم انه يقول له الى أي شىء تذهب الى جمع المال او غرس الغراس او بناء البنيان او شق الأنهار فيقول لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ اى فى الايمان الذي تركته اى لعلى اعمل فى الايمان الذي آتى به البتة عملا صالحا فلم ينتظم الايمان فى مسلك الرجاء كسائر الأعمال الصالحة بان يقول لعلى او من فاعمل إلخ للاشعار بانه امر مقرر الوقوع غنى عن الاخبار بوقوعه فضلا عن كونه مرجو الوقوع وقال فى الجلالين (لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً) اى اشهد بالتوحيد (فِيما تَرَكْتُ) حين كنت فى الدنيا انتهى قال بعضهم الخطاب فى ارجعون لملك الموت وأعوانه وذكر الرب للقسم كما فى الكبير واستعان بالله اولا ثم بهم كما فى الاسئلة المقحمة وكما قال الكاشفى [امام ثعلبى با جمعى مفسران برانند كه خطاب با ملك الموت وأعوان اوست أول بكلمه رب استعانة مى نمايند بخداى وبكلمه ارجعون رجوع مى نمايند بملائكة] ويدل عليه قوله عليه السلام (إذا عاين المؤمن الملائكة قالوا أنرجعك الى الدنيا فيقول الى دار الهموم والأحزان

<<  <  ج: ص:  >  >>