للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعضا فلا يقول له من أنت ومن أي قبيلة ونسب أنت ونحو ذلك لاشتغال كل منهم بنفسه لشدة الهول فلا يتعارفون ولا يتساءلون كما انه إذا عظم الأمر فى الدنيا لم يتعرف الوالد لولده ولا يناقضه قوله تعالى (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ) لان عدم التساؤل عند ابتداء النفخة الثانية قبل المحاسبة والتساؤل بعد ذلك وايضا يوم القيامة يوم طويل فيه خمسون موطنا كل موطن الف سنة ففى موطن يشتد عليهم الهول والفزع بحيث يشغلهم عن التساؤل والتعارف فلا يفطنون لذلك وفى موطن يفيقون افاقة فيتساءلون وتتعارفون وعن الشعبي قالت عائشة رضى الله عنها يا رسول الله اما نتعارف يوم القيامة اسمع الله يقول (فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ) فقال عليه السلام (ثلاثة مواطن تذهل فيها كل نفس حين يرمى الى كل انسان كتابه وعند الموازين وعلى جسر جهنم) قال ابن مسعود رضى الله عنه يؤخذ بيد العبد والامة يوم القيامة فينصب على رؤس الأولين والآخرين ثم ينادى مناد ألا ان هذا فلان ابن فلان فمن كان له عليه حق فليأت الى

حقه فيفرح العبد يومئذ ان يثبت له حق على والده وولده او زوجته وأخيه فلا انساب بينهم يومئذ وعن قتادة لا شىء ابغض الى الإنسان يوم القيامة من ان يرى من يعرفه ان يثبت له عليه شىء ثم تلا (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ) الآية قال محمد بن على الترمذي قدس سره الأنساب كلها منقطعة الا من كانت نسبته صحيحة فى عبودية ربه فان تلك نسبة لا تنقطع ابدا وتلك النسبة المفتخر بها لا نسبة الأجناس من الآباء والأمهات والأولاد قال الأصمعي كنت أطوف بالكعبة فى ليلة مقمرة فسمعت صوتا حزينا فتبعت الصوت فاذا انا بشاب حسن ظريف تعلق بأستار الكعبة وهو يقول نامت العيون وغارت النجوم وأنت الملك الحي القيوم وقد غلقت الملوك ابوابها واقامت عليها حرسها وحجابها وبابك مفتوح للسائلين فها انا سائلك ببابك مذنبا فقيرا مسكينا أسيرا جئت انتظر رحمتك يا ارحم الراحمين ثم انشأ يقول

يا من يجيب دعا المضطر فى الظلم ... يا كاشف الضر والبلوى مع القسم

قد نام وفدى حول البيت وانتبهوا ... وأنت يا حى يا قيوم لم تنم

أدعوك ربى ومولاى ومستندى ... فارحم بكائي بحق البيت والحرم

أنت الغفور فجدلى منك مغفرة ... او اعف عنى يا ذا الجود والنعم

ان كان عفوك لا يرجوه ذو جرم ... فمن يجود على العاصين بالكرم

ثم رفع رأسه نحو السماء وهو ينادى يا الهى وسيدى مولاى ان أطعتك فلك المنة على وان عصيتك فبجهلى فلك الحجة علىّ اللهم فباظهار منتك علىّ واثبات حجتك لدىّ ارحمني واغفر ذنوبى ولا تحرمنى رؤية جدى قرة عينى وحبيبك وصفيك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم ثم انشأ يقول

ألا ايها المأمول فى كل شدة ... إليك شكوت الضر فارحم شكايتى

ألا يا رجائى أنت كاشف كربتى ... فهب لى ذنوبى كلها واقض حاجتى

فزادى قليل ما أراه مبلغى ... على الزاد ابكى أم لبعد مسافتى

<<  <  ج: ص:  >  >>