للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنضارة والبهاء والنماء فكذلك الأرض إذا تزينت بالقوة المنبتة وما يترتب عليها من انواع النبات وَبَثَّ فِيها اى فرق ونشر في الأرض مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ من كل حيوان يدب على وجهها من العقلاء وغيرهم وهو معطوف على فاحيى والمناسبة ان بث الدواب يكون بعد حياة الأرض بالمطر لانهم ينمون بالخصب ويعيشون بالمطر وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ عطف على ما انزل اى في تقليبها في مهابها قبولا ودبورا وشمالا وجنوبا وفي كيفيتها حارة وباردة وفي أحوالها عاصفة ولينة وفي آثارها عقما ولواقح وقيل في إتيانها تارة بالرحمة وتارة بالعذاب قال ابن عباس رضى الله عنهما أعظم جنود الله الريح والماء وسميت الريح ريحا لانها تريح النفوس قال وكيع الجراح لولا الريح والذباب لأنتنت الدنيا قال شريح القاضي ما هبت الريح الا لشفاء سقيم او لسقم صحيح وقال بكر بن عباس لا تخرج من السحاب قطرة حتى تعمل في السحاب هذه الرياح الأربع فالصبا تهيجه والجنوب تقدره والدبور تلقحه والشمال تفرقه واصول الرياح هذه الأربع فالشمال من ناحية الشام والجنوب تقابلها والصبا هي القبول من المشرق والدبور تقابلها وكل ريح جاءت بين مهب

ريحين فهى نكباء لانها نكبت اى عدلت ورجعت عن مهاب هذه الأربع وقال عبد الله بن عمرو بن العاص الرياح ثمان اربع رحمة واربع عذاب فالرحمة الناشرات وهي الرياح الطيبة والمبشرات وهي الرياح التي تبشر بالغيث واللواقح وهي التي تلقح الأشجار والذاريات وهي التي تذر والتراب وغيره والعذاب الصرصر والعقيم وهما في البر والعاصف والقاصف وهما في البحر والعقيم هي التي لم تلقح سحابا ولا شجرا والعاصف الشديدة الهجوم التي تقلع الخيام وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ عطف على تصريف اى الغيم المذلل المنقاد الجاري على ما أجراه الله تعالى عليه وهو اسم جنس واحده سحابة وسمى سحابا لانه ينسحب في الجو اى يسير في سرعة كأنه يسحب اى يجر بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ صفة للسحاب باعتبار لفظه وقد يعتبر معناه فيوصف بالجمع كما في قوله تعالى سَحاباً ثِقالًا اى لا ينزل الأرض ولا ينكشف مع ان طبع السحاب يقتضى أحد هذين النزول والانكشاف قيل لانه لو كان خفيفا لطيفا ينبغى ان يصعد ولو كثيفا يقتضى ان ينزل لَآياتٍ اسم ان دخلته اللام لتأخره عن خبرها ولو كان فى موضعه لما جاز دخول اللام عليه والتنكير للتفخيم كما وكيفا اى آيات عظيمة كثيرة دالة على القدرة القاهرة والحكمة الباهرة والرحمة الواسعة المقتضية لاختصاص الالوهية به سبحانه لِقَوْمٍ فى محل النصب لانه صفة لآيات فيتعلق بمحذوف يَعْقِلُونَ فى محل الجر على انه صفة لقوم اى يتفكرون فيها وينظرون إليها بعيون العقول والقلوب ويعتبرون بها لانها دلائل على عظم قدرة الله فيها وباهر حكمته فيستدلون بهذه الأشياء على موجدها فيوحدونه وفيه تعريص لجهل المشركين الذين اقترحوا على الرسول آية تصدقه في قوله تعالى وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ وتسجيل عليهم بسخافة العقول إذ لو عقلوه لكفاهم بهذه التصاريف آية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ويل لمن قرأ هذه الآية فمج بها) المج حقيقة قذف الريق ونحوه من الفم عدى بالباء لما فيه من معنى الرمي واستعير هاهنا لعدم الاعتبار والاعتداد فان من تفكر فيها فكأنه حفظها ولم يلقها من فيه واعلم ان قوله تعالى وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ أول آية

<<  <  ج: ص:  >  >>