للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستقر فيه فى اكثر الأوقات للتجالس والتحادث. والمعنى خير مستقرا من هؤلاء المشركين المتنعمين فى الدنيا: وبالفارسية [بهترند از روى قراركاه يعنى مساكن ايشان در آخرت به از منازل كافرانست كه در دنيا داشتند] ويجوز ان يكون التفضيل بالنسبة الى ما للكفرة فى الآخرة فان قلت كيف يكون اصحاب الجنة خير مستقرا من اهل النار ولا خير فى النار ولا يقال العسل احلى من الخل قلت انه من قبيل التقريع والتهكم كما فى قوله تعالى (قُلْ أَذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ) كما سبق ويجوز ان يكون التفضيل لارادة الزيادة المطلقة اى هم فى أقصى ما يكون من خير وعلى هذا القياس قوله تعالى وَأَحْسَنُ مَقِيلًا اى من الكفرة فى دار الدنيا: وبالفارسية [ونيكوترست از جهت مكان قيلوله] او فى الآخرة بطريق التهكم او هم فى أقصى ما يكون من حسن المقيل وهو موضع القيلولة والقيلولة الاستراحة نصف النهار فى الحر يقال قلت قيلولة نمت نصف النهار والمراد بالمقيل هاهنا المكان الذي ينزل فيه للاستراحة بالأزواج والتمتع بمغازلتهن اى محادثتهن ومراودتهن والا فليس فى الجنة حر ولا نوم بل استراحة مطلقة من غير غفلة ولا ذهاب حس من الحواس وكذا ليس فى النار مكان استراحة ونوم للكفار بل عذاب دائم والم باق وانما سمى بالمقيل لما روى ان اهل الجنة لا يمر بهم يوم القيامة الا قدر النهار من اوله الى وقت القائلة حتى يسكنون مساكنهم فى الجنة واهل النار فى النار واما المحبوسون من العصاة فتطول عليهم المدة مقدار خمسين الف سنة من سنى الدنيا والعياذ بالله تعالى ثم فى احسن رمز الى ان مقيل اهل الجنة مزين بفنون الزين والزخارف كبيت العروس فى الدنيا وفى التأويلات النجمية (أَصْحابُ الْجَنَّةِ) يعنى المؤمنين بالحشر والموقنين بالرؤية (يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا) لان مستقر عوامهم الجنة ودرجاتها ومستقر خواصهم حضرة الربوبية وقرباتها لقوله تعالى الى ربك يومئذ المستقر (وَأَحْسَنُ مَقِيلًا) لان النار مقيل منكرى الحشر والجنة مقيل المؤمنين والحضرة مقيل الراجعين المجذوبين انتهى فعلى العاقل تحصيل المستقر الأخروي والمقيل العلوي وصار الشيخ الحجازي ليلة يردد قوله تعالى (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) ويبكى فقيل له لقد ابكتك آية ما يبكى عند مثلها اى لانها بيان لسعة عرض الجنة فقال وما ينفعنى عرضها إذا لم يكن لى فيها موضع قدم وفى الحديث (من سعادة المرء المسكن الواسع والجار الصالح والمركب الهنيء) وسئل بعضهم عن الغنى فقال سعة البيوت ودوام القوت ثم ان سعادات الدنيا كلها مذكرة لسعادات الآخرة فالعاقل من لا تغرّه الدنيا الدنية: وفى المثنوى

افتخار از رنك وبو واز مكان ... هست شادى وفريب كودكان «١»

هر كجا باشد شه ما را بساط ... هست صحرا كر بود سم الخياط «٢»

هر كجا يوسف رحى باشد چوماه ... جنت است آن چهـ كه باشد قعر جاه

فجنة العارف هى القلب المطهر ومعرفة الله فيه كما قال يحيى بن معاذ الرازي رحمه الله تعالى فى الدنيا جنة من دخلها لم يشتق الى الجنة قيل وما هى قال معرفة الله

چودادت صورت خوب وصفت هم ... بيا تا بدهدت اين معرفت هم


(١) در اواخر دفتر چهارم در بيان شرح كردن موسى عليه السلام وعده سيم را با فرعون
(٢) در اواخر دفتر سوم در بيان پرسيدن معشوقى از عاشق إلخ

<<  <  ج: ص:  >  >>