للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخبيث وسدوم من التي أهلكت وتخصيصها هاهنا لكونها فى ممر تجار قريش وكانوا حين مرورهم بها يرونها مؤتفكة ولا يعتبرون. وانتصاب مطر على انه مصدر مؤكد بحذف الزوائد كما قيل فى أنبته الله نباتا حسنا اى امطار السوء ومطر مجهولا فى الخير وأمطر فى الشر وقيل هما لغتان والسوء بفتح السين وضمها كل ما يسوء الإنسان ويغمه من البلاء والآفة: والمعنى بالفارسية [وبركذشتند بر آن شهر كه باران بد باريد يعنى برو سنك بارانيده شد] وفى الخبر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم (رأى ليلة المعراج فى السماء الثالثة حجارة موضوعة فسأل عن ذلك جبريل فقال هذه الحجارة فضلت من حجارة قوم لوط خبئت للظالمين من أمتك) اى خفيت وأعدت وذلك ان من اشراط الساعة ان يمطر السماء بعض الحبوب كالقمح والذرة ونحوهما وقد شاهدناه فى عصرنا وسيأتى زمان تمطر الحجارة ونحوها على الظالمين نعوذ بالله

تعالى أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَها [آيا نمى ديدند آنرا سرنكون] اى فى مرار مرورهم فيخافوا ويعتبروا ويؤمنوا بَلْ كانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً حقيقة الرجاء انتظار الخير وظن حصول ما فيه مسرة وليس النشور اى احياء الميت خيرا مؤديا الى المسرة فى حق الكافر فهو مجاز عن التوقع والتوقع يستعمل فى الخير والشر فامكن ان يتصور النسبة بين الكافر وتوقع النشور. والمعنى بل كانوا كفرة لا يتوقعون نشورا اى ينكرون النشور المستتبع للجزاء الأخروي ولا يرون لنفس من النفوس نشورا أصلا مع تحققه حتما وشموله للناس عموما واطراده وقوعا فكيف يعترفون بالجزاء الدنيوي فى حق طائفة خاصة مع عدم الاطراد والملازمة بينه وبين المعاصي حتى يتذكروا ويتعظوا بما شاهدوه من آثار الهلاك وانما يحملونه على الاتفاقات واعلم ان النشور لا ينكره الا الكفور وقد جعل الله الربيع فى الدنيا شاهدا له ومشيرا لوقوعه وفى الخبر (إذا رأيتم الربيع فاذكروا النشور) والربيع مثل يوم النشور لان الربيع وقت إلقاء البذر ويكون الزراع قلبه معلقا الى ذلك الوقت أيخرج أم لا فكذلك المؤمن يجتهد فى طاعته وقلبه يكون معلقا بين الخوف والرجاء الى يوم القيامة أيقبل الله تعالى منه أم لا ثم إذا خرج الزرع وأدرك يحصد ويداس ويذرى ثم يطحن ويعجن ويخبز وإذا خرج من التنور بلا احتراق يصلح للخوان ولو احترق ضاع عمله وبطل سعيه وكذلك العبد يصلى ويصوم ويزكى ويحج فاذا جاء ملك الموت وحصد روحه بمنجل الموت وجعلوه فى القبر يكون فيه الى يوم القيامة وإذا جاء يوم القيامة وخرج من قبره ووقع الحشر والنشور وامر به الى الصراط فاذا جاوز الصراط سالما فقد صلح للرؤية والا فقد هلك فعلى العاقل ان يتفكر فى المنشور ويتذكر عاقبة الأمور: وفى المثنوى

فضل مردان بر زن اى حالى پرست ... زان بود كه مرد پايان بين ترست

مرد كاندر عاقبت بينى خمست ... او ز اهل عاقبت از زن كمست

از جهان دو بانك مى آيد بضد ... تا كدامين را تو باشى مستعد «١»

آن يكى بانكش نشور اتقيا ... وين دكر بانكش فريب اشقيا

آن يكى بانك اين كه اينك حاضرم ... بانك ديكر بنكر اندر آخرم


(١) در أوائل دفتر چهارم در بيان نصيحت دنيا اهل دنيا كه زبان حال وبيوفائى إلخ

<<  <  ج: ص:  >  >>