للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعنى جعلت الجنة محفوفة بالأشياء التي كانت مكروهة لنا وجعلت النار محاطة بالأمور التي كانت محبوبة لنا وَقِيلَ لَهُمْ اى للغاوين يوم القيامة على سبيل التوبيخ والقائلون الملائكة من جهة الحق تعالى وحكمه أَيْنَ ما كُنْتُمْ فى الدنيا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ اى اين آلهتكم الذين كنتم تزعمون فى الدنيا انهم شفعاؤكم فى هذا الموقف وتقربكم الى الله زلفى هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ بدفع العذاب عنكم أَوْ يَنْتَصِرُونَ بدفعه عن أنفسهم: وبالفارسية [يا نكاه ميدارند خود را از حلول عقوبت بديشان] وباب افتعل هاهنا مطاوع فعل قال فى كشف الاسرار النصر المعونة على دفع الشر والسوء عن غيره والانتصار ان يدفع عن نفسه وانما قال او ينتصرون بعد قوله هل ينصرونكم لان رتبة النصر بعد رتبة الانتصار لان من نصر غيره فلا شك فى الانتصار وقد ينتصر من لا يقدر على نصر غيره ثم هذا سؤال تقريع وتبكيت لا يتوقع له جواب ولذلك قيل فَكُبْكِبُوا فِيها الكبكبة [نكونسار كردن] اى تدهور الشيء فى هوّة وهو تكرير الكب وهو الطرح والإلقاء منكوسا وجعل تكرير اللفظ دليلا على تكرير المعنى كرر عين الكب بنفله الى باب التفعيل فاصل كبكبوا كببوا فاستثقل اجتماع الباءات فابدلت الثانية كافا كما فى زحزح فان أصله زحح من زحه يزحه اى نحاه عن موضعه ثم نقل الى باب التفعيل فقيل زححه فابدلت الحاء الثانية زايا فقيل زحزحه اى باعده فمعنى الآية القوا فى الجحيم مرة بعد اخرى منكوسين على رؤسهم الى ان يستقروا فى قعرها هُمْ اى آلهتهم وَالْغاوُونَ الذين كانوا يعبدونهم وَجُنُودُ إِبْلِيسَ شياطينه اى ذريته الذين كانوا يغوونهم ويوسوسون إليهم ويسوّلون لهم ما هم عليه من عبادة الأصنام وسائر فنون الكفر والمعاصي ليجتمعوا فى العذاب حسبما كانوا مجتمعين فيما يوجبه أَجْمَعُونَ تأكيد لضميرهم وما عطف عليه قالُوا استئناف بيانى اى قال العبدة حين فعل بهم ما فعل معترفين بخطاياهم وَهُمْ فِيها يَخْتَصِمُونَ اى والحال انهم فى الجحيم بصدد الاختصام مع من معهم من المذكورين مخاطبين لمعبوداتهم على ان الله تعالى يجعل الأصنام صالحة للاختصام بان يعطيها القدرة على النطق والفهم قال ابو الليث ومعناه قالوا وهم يختصمون فيها على معنى التقديم تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ان مخففة واللام هى الفارقة بينها وبين النافية اى ان الشأن كنا فى ضلال واضح لا خفاء فيه إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ ظرف لكونهم فى ضلال مبين وصيغة المضارع لاستحضار الصورة الماضية اى تالله لقد كنا فى غاية الضلال الفاحش وقت تسويتها إياكم ايها الأصنام فى استحقاق العبادة برب العالمين الذي أنتم ادنى مخلوقاته وأذلهم وأعجزهم وَما أَضَلَّنا وما دعانا الى الضلال عن الهدى إِلَّا الْمُجْرِمُونَ اى الرؤساء والكبراء كما فى قوله تعالى (رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا) : وبالفارسية [مكر بدان وبدكاران از مهتران] واصل الجرم قطع الثمرة عن الشجرة والجرامة رديى التمر وأجرم صار ذا جرم نحو أتمر وألبن واستعير ذلك لكل اكتساب مكروه ولا يكاد يقال فى عامة كلامهم للكسب المحمود فَما لَنا [پس نيست ما را اكنون] مِنْ شافِعِينَ [هيچ كس از شفاعت كنندكان] كما للمؤمنين من الملائكة والأنبياء عليهم السلام

<<  <  ج: ص:  >  >>