للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لعلمتم ذلك ولكنكم تجهلون فتقولون ما لا تعلمون وهو من الباب الاول واما الشعر بمعنى النظم فمن الخامس وَما أَنَا بِطارِدِ الْمُؤْمِنِينَ الطرد الإزعاج والابعاد على سبيل الاستخلاف. والمعنى بالفارسية [ونيستم من راننده مؤمنان] وهو جواب عما أوهمه كلامهم أنؤمن لك من استدعاء طردهم وتعليق ايمانهم بذلك حيث جعلوا اتباعهم مانعا عنه قال ابن عطاء رحمه الله وما انا بمعرض عمن اقبل على ربه إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ اى ما انا الا رسول مبعوث لانذار المكلفين وزجرهم عن الكفر والمعاصي سواء كانوا من الأعزاء او الأذلاء فكيف يليق بي طرد الفقراء لاستتباع الأغنياء قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا نُوحُ عما تقول يعنى عن الدعوة والانذار: والانتهاء [باز استيدن] لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ قال الراغب فى المفردات الرجام الحجارة والرجم الرمي بالرجام يقال رجم فهو مرجوم قال تعالى (لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ) اى المقتولين أقبح قتلة انتهى قالوه قاتلهم الله فى اواخر الأمر قالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ أصروا على التكذيب بعد ما دعوتهم هذه الازمنة المتطاولة ولم يزدهم دعائى الا فرارا فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً اى احكم بيننا بما يستحقه كل واحد منا قال فى التأويلات افتح بابا من أبواب فضلك على مستحقيه وبابا من أبواب عدلك على مستحقينه انتهى من الفتاحة وهى الحكومة والفتاح الحاكم سمى لفتح المغلق من الأمر كما سمى فيصلا لفصله بين الخصومات قال ابن الشيخ أراد به الحكم بانزال العقوبة عليهم لقوله عقبه وَنَجِّنِي خلصنى وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اى من العذاب ومن أذى الكفار فَأَنْجَيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ حسب دعائه فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ اى المملوء بهم وبكل صنف من الحيوان وبما لا بد لهم منه من الامتعة والمأكولات ومنه الشحناء وهى عداوة امتلأت منها النفوس ثُمَّ أَغْرَقْنا بَعْدُ اى بعد انجائهم الْباقِينَ من قومه ممن لم يركب السفينة وفيه تنبيه على ان نوحا كان مبعوثا الى من على وجه الأرض ولذا قال فى قصته الباقين وفى قصة موسى ثم أغرقنا الآخرين إِنَّ فِي ذلِكَ الذي فعل بقوم نوح لاستكبارهم عن قبول الحق واستخفافهم بفقراء المسلمين لَآيَةً لعبرة لمن بعدهم وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ اى اكثر قوم نوح فلم يؤمن من قومه الا ثمانون من الرجال والنساء وقال الكاشفى [هفتاد ونه تن] او اكثر قومك يا محمد وهم قريش فاصبر على اذاهم كما صبر نوح على أذى قومه تظفر كما ظفر

كار تو از صبر نكوتر شود ... هر كه شكيباست مظفر شود

وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الغالب على ما أراد من عقوبة الكفار الرَّحِيمُ لمن تاب او بتأخير العذاب وفى التأويلات النجمية كرر فى كل قصة قوله (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ) مؤمنين دلالة على ان عزة الله وعظمته اقتضت ان يكون أكرم الخلق مؤمنا به مقبولا له كما قال تعالى (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ) ولا ريب ان اكثر الخلق لئام وكرام قليلون كما قال الشاعر

تعيرنا انا قليل عدادنا ... فقلت لها ان الكرام قليل

<<  <  ج: ص:  >  >>