للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما صلى عليه السلام فى النهار بدل ما فات منه فى الليل من ورد التهجد يدل على ان التهجد ليس كسائر النوافل بل له فضيلة على غيره ولذا يوصى بإتيان بدله إذا فات مع ان النوافل لا تقضى وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ التقلب [بركشتن] اى ويرى ترددك فى تصفح احوال المتهجدين لتطلع على حقيقة أمرهم كما روى انه لما نسخ فرض قيام الليل عليه وعلى أصحابه بناء على انه كان واجبا عليه وعلى أمته وهو الأصح وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه كان واجبا على الأنبياء قبله طاف عليه السلام تلك الليلة ببيوت أصحابه لينظر ما يصنعون اى هل تركوا قيام الليل لكونه نسخ وجوبه بالصلوات الخمس ليلة المعراج حرصا على كثرة طاعاتهم فوجدها كبيوت الزنابير لما سمع لها من دندنتهم بذكر الله وتلاوة القرآن إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ لما تقوله ولدعوات عباده ومناجاة الاسرار الْعَلِيمُ بما تنويه وبوجود مصالحهم وإرادات الضمائر وقال بعضهم (تَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) اى تصرفك فيما بين المصلين بالقيام والركوع والسجود والقعود إذا أممتهم فقوله فى الساجدين معناه مع المصلين فى الجماعة فكأن اصل المعنى يراك حين تقوم وحدك للصلاة ويراك إذا صليت مع المصلين جماعة وفى التأويلات النجمية (الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ)

اى يرى قصدك ونيتك وعزيمتك عند قيامك للامور كلها وقد اقتطعه بهذه الآية عن شهود الخلق فان من علم انه بمشهد الحق راعى دقائق حالاته وخفايا أحواله مع الحق وبقوله (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) هون عليه معاناة مشاق العبادات لاخباره برؤيته له ولا مشقة لمن يعلم انه بمرأى من مولاه ومحبوبه وان حمل الجبال الرواسي يهون لمن حملها على شعرة من جفن عينه على مشاهدة ربه ويقال كنت بمرأى منا حين تقلبك فى عالم الأرواح فى الساجدين بان خلقنا روح كل ساجد من روحك انه هو السميع فى الأزل مقالتك انا سيد ولد آدم ولا فخر لان أرواحهم خلقت من روحك العليم باستحقاقك لهذه الكرامة انتهى وعن ابن عباس رضى الله عنهما فى قوله (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) من نبى الى نبى حتى اخرجك نبيا اى فمعنى فى الساجدين فى أصلاب الأنبياء والمرسلين من آدم الى نوح والى ابراهيم والى من بعده الى ان ولدته امه وهذا لا ينافى وقوع من ليس نبيا فى آبائه فالمراد وقوع الأنبياء فى نسبه. واستدل الرافضة على ان آباء النبي عليه السلام كانوا مؤمنين اى لان الساجد لا يكون الا مؤمنا فقد عبر عن الايمان بالسجود وهو استدلال ظاهرى وقوله عليه السلام (لم ازل انقل من أصلاب الطاهرين الى أرحام الطاهرات) لا يدل على الايمان بل على صحة انكحة الجاهلية كما قال عليه السلام فى حديث آخر (حتى أخرجني من بين أبوي لم يلتقيا على سفاح قط) وقد سبق نبذ من الكلام مما يتعلق بالمرام فى اواخر سورة ابراهيم وحق المسلم ان يمسك لسانه عما يخل بشرف نسب نبينا عليه السلام ويصونه عما يتبادر منه النقصان خصوصا الى وهم العامة فان قلت كيف نعتقد فى حق آباء النبي عليه السلام قلت هذه المسألة ليست من الاعتقاديات فلا حظ للقلب منها واما حظ اللسان فقد ذكرنا وذكر الحافظ السيوطي رحمه الله ان الذي للخلص ان أجداده عليه السلام من آدم الى مرة بن كعب مصرح بايمانهم اى فى الأحاديث واقوال السلف وبقي بين مرة وعبد المطلب اربعة

<<  <  ج: ص:  >  >>