للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تفرق اهل ذلك المكان من كل جانب انتهى قال بعضهم انما خفى نبأ بلقيس على سليمان مع قربه منها لانه كان نازلا بصنعاء وهى بمأرب وبينهما مسيرة ثلاثة ايام كما سبق آنفا او ثلاثة فراسخ او ثلاثة أميال لمصلحة رآها الله تعالى كما خفى على يعقوب مكان يوسف

كهى بر طارم أعلى نشينم ... كهى بر پشت پاى خود نبينم

إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ استئناف لبيان ما جاء به من النبأ وإيثار وجدت على رأيت لانه أراه عليه السلام كونه عند غيبته بصدد خدمته بإبراز نفسه فى معرض من يتفقد احوال تلك المرأة كأنها ضالة ليعرضها على سليمان والضمير فى تملكهم لسبأ على انه اسم للحى او لاهل المدلول عليهم بذكر مدينتهم على انه اسم لها. يعنى انها تملك الولاية والتصرف عليهم ولم يرد به ملك الرقبة والمراد بها بلقيس بنت شرحبيل بن مالك بن ريان من نسل يعرب ابن قحطان وكان أبوها ملك ارض اليمن كلها ورث الملك من أربعين أبا ولم يكن له ولد غيرها فغلبت بعده على الملك ودانت لها الامة وكانت هى وقومها يعبدون النار وكان يقول أبوها لملوك الأطراف ليس أحد منكم كفؤا وابى ان يتزوج منهم فزوجوه امرأة من الجن يقال لها قارعة او ريحانة بنت السكن فولدت له بلقيس وتسمى بلقة وبلقيس بالكسر كما فى القاموس وهذا يدل على إمكان العلوق بين الانسى والجنى وذلك فان الجن وان كانوا من النار لكنهم ليسوا بباقين على عنصرهم الناري كالانس ليسوا بباقين على عنصرهم الترابي فيمكن ان يحصل الازدواج بينهما على ما حقق فى آكام المرجان- روى- ان مروان الحمار امر بتخريب تدمر كتنصر بلد بالشام فوجدوا فيها بيتا فيه امرأة قائمة ميتة أمسكوها بالصبر احسن من الشمس قامتها سبعة اذرع وعنقها ذراع عندها لوح فيه انا بلقيس صاحبة سليمان بن داود خرب الله ملك من يخرب بيتي وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ اى من الأشياء التي يحتاج إليها الملوك من الخيل والحشم والعدد والسياسة والهيبة والحشمة والمال والنعيم قال بعض العارفين ما ذكر وصف جمالها وحسنها بالتصريح لانه علم ان ذلك من سوء الأدب وفى الحديث (ان احسن الحسن الوجه الحسن والصوت الحسن والخلق الحسن) قال ذو النون من استأنس بالله استأنس بكل شىء مليح وذلك لان حسن كل مستحسن صدر من معدن حسن الأزل واما من لم يستأنس بالله فاستئناسه بالمليح على وجه مجازى وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ اى بالنسبة الى حالها او الى عروش أمثالها من الملوك والعرش فى الأصل شىء مسقف ويراد به سرير كبير وكان عرش بلقيس ثمانين ذراعا فى ثمانين ذراعا وطوله فى الهواء ثمانين ذراعا مقدمه من ذهب مفصص بالياقوت الأحمر والزبرجد الأخضر ومؤخره من فضة مكلل بانواع الجواهر له اربع قوائم قائمة من ياقوت احمر وقائمة من ياقوت اخضر وقائمة من زبرجد وقائمة من در وصفائح السرير من ذهب وعليه سبعة أبيات لكل بيت باب مغلق وكان عليه من الفرش ما يليق به وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ اى يعبدونها متجاوزين عبادة الله تعالى وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ اى حسن لهم أعمالهم القبيحة التي هى عبادة الشمس ونظائرها من اصناف الكفر

<<  <  ج: ص:  >  >>