للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونباتها وتنفير صيدها وارادة الإلحاد فيها بوجه من الوجوه وفى الحديث (ان مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس) اى كان تحريمها من الله بامر سماوى لا من الناس باجتهاد شرعى واما قوله عليه السلام (ان ابراهيم حرم مكة) فمعناه اظهر الحرمة الثابتة او دعا فحرمها الله حرمة دائمة. ومعنى الآية قل لقومك يا محمد أمرت من قبل الله ان اخصه وحده بالعبادة ولا اتخذ له شريكا فاعبدوه أنتم ففيه عزكم وشرفكم ولا تتخذوا له شريكا وقد ثبتت عليكم نعمته بتحريم بلدتكم قال بعضهم العبودية لباس الأنبياء والأولياء وَلَهُ اى ولرب هذه البلدة خاصة كُلُّ شَيْءٍ خلقا وملكا وتصرفا لا يشاركه فى شىء من ذلك أحد. وفيه تنبيه على ان افراد مكة بالاضافة للتفخيم مع عموم الربوبية لجميع الموجودات

صنعش كه همه جهان بياراست

وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ من الثابتين على ملة الإسلام والتوحيد او من الذين اسلموا وجوههم لله خاصة وفى التأويلات النجمية يشير الى ان المسلم الحقيقي من يكون إسلامه فى استعمال الشريعة مثل استعمال النبي عليه السلام الشريعة فى الظاهر وهذا كمال العناية فى حق المسلمين لانه لو قال وأمرت ان أكون من المؤمنين لما كان أحد يقدر على ان يكون إيمانه كايمان النبي عليه السلام نظيره قوله تعالى (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) ولهذا قال عليه السلام (صلوا كما رأيتمونى أصلي) يعنى فى الظاهر ولو قال صلوا كما انا أصلي لما كان أحد يقدر على ذلك لانه كان يصلى ولصدره ازيز كازيز المرجل من البكاء وكان فى صلاته يرى من خلفه كما يرى من امامه وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ التلاوة قراءة القرآن متتابعة كالدراسة والأوراد الموظفة والقراءة أعم يقال تلاه تبعه متابعة ليس بينهما ما ليس منهما اى وأمرت بان أواظب على تلاوته لتكشف لى حقائقه فى تلاوته شيأ فشيأ فانه كلما تفكر التالي العالم تجلت له معان جديدة كانت فى حجب مخفية ولذا لا يشبع العلماء الحكماء من تلاوة القرآن وهو السر فى انه كان آخر وردهم لان المنكشف اولا للعارفين حقائق الآفاق ثم حقائق الأنفس ثم حقائق القرآن فعليك بتلاوة القرآن كل يوم ولا تهجره كما يفعل ذلك طلبة العلم وبعض المتصوفة زاعمين بانهم قد اشتغلوا بما هو أهم من ذلك وهو كذب فان القرآن مادة كل علم فى الدنيا ويستحب لقارئ القرآن فى المصحف ان يجهر بقراءته ويضع يده على الآية يتبعها فيأخذ اللسان حظه من الرفع ويأخذ البصر حظه من النظر واليد حظها من المس وسماع القرآن اشرف أرزاق الملائكة السياحين وأعلاها ومن لم تتيسر له تلاوة القرآن فليجلس لبث العلم لاجل الأرواح الذين غذاؤهم العلم لكن لا يتعدى علوم القرآن والطهارة الباطنة للاذنين تكون باستماع القول الحسن فانه ثم حسن واحسن فاعلاه حسنا ذكر الله بالقرآن فيجمع بين الحسنين فليس أعلا من سماع ذكر الله بالقرآن مثل كل آية لا يكون مدلولها الا ذكر الله فانه ما كل آية تتضمن ذكر الله فان فيه حكاية الاحكام المشروعة وفيه قصص الفراعنة وحكايات أقوالهم وكفرهم وان كان فى ذلك الاجر العظيم من حيث هو قرآن بالاصغاء الى القارئ إذا قرأ من نفسه او غيره فعلم ان ذكر الله إذا سمع فى القرآن أتم من

<<  <  ج: ص:  >  >>