للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجاز وَرَحْمَةً حيث ينال من عمل به رحمة الله تعالى لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ليكونوا على حال يرجى منهم التذكر بما فيه من المواعظ: وبالفارسية [شايد كه ايشان پند پذيرند] وفى الحديث (ما أهلك الله قرنا ولا امة ولا اهل قرية بعذاب من السماء منذ انزل التوراة على وجه الأرض غير اهل القرية الذين مسخوا قردة ألم تر ان الله تعالى قال ولقد آتينا) الآية وَما كُنْتَ يا محمد بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ اى بجانب الجبل او المكان الغربي الذي وقع فيه الميقات وناجى موسى ربه على حذف الموصوف واقامة الصفة مقامه او الجانب الغربي على اضافة الموصوف كمسجد الجامع وعلى كلا التقديرين فجبل الطور غربى إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ اى عهدنا اليه وأحكمنا امر نبوته بالوحى وإيتاء التوراة وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ اى من جملة الشاهدين للوحى وهم السبعون المختارون للميقات حتى تشاهد ماجرى من امر موسى فى ميقاته وكتب التوراة له فى الألواح فتخبره للناس والمراد الدلالة على ان اخباره عن ذلك من قبل الاخبار عن المغيبات التي لا تعرف الا بالوحى ولذلك استدرك عنه بقوله وَلكِنَّا أَنْشَأْنا قُرُوناً خلقنا بين زمانك وزمان موسى قرونا كثيرة: وبالفارسية [وليكن بيافريديم پس از موسى كروهى بعد از كروهى] فَتَطاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ تطاول بمعنى طال: وبالفارسية [دراز شد] والعمر بالفتح والضم وبضمتين الحياة قال الراغب اسم لمدة عمارة البدن بالحياة اى طال عليهم الحياة وتمادى الأمد والمهلة فتغيرت الشرائع والاحكام وعميت عليهم الأنبياء لا سيما على آخرهم فاقتضى الحال التشريع الجديد فاوحينا إليك فحذف المستدرك اكتفاء بذكر ما يوجبه وَما كُنْتَ ثاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ نفى لاحتمال كون معرفته للقصة بالسماع ممن شاهد. والثواء هو الاقامة والاستقرار اى وما كنت مقيما فى اهل مدين اقامة موسى وشعيب حال كونك تَتْلُوا عَلَيْهِمْ اى تقرأ على اهل مدين بطريق التعلم منهم [چنانچهـ شاكردان بر استاذان خوانند] وهو حال من المستكن فى ثاويا او خبر ثان لكنت آياتِنا الناطقة بالقصة وَلكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ إياك وموحين إليك تلك الآيات ونظائرها وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا اى وقت ندائنا موسى انى انا الله رب العالمين واستنبائنا إياه وارسالنا له الى فرعون والمراد جانب الطور الايمن كما قال (وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ) ولم يذكر هنا احترازا عن إيهام الذم فانه عليه السلام لم يزل بالجانب الايمن من الأزل الى الابد ففيه إكرام له وادب فى العبارة معه وَلكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ اى ولكن أرسلناك بالقرآن الناطق بما ذكر رحمة عظيمة كائنة منا لك وللناس لِتُنْذِرَ قَوْماً متعلق بالفعل المعلل بالرحمة ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ صفة قوما اى لم يأتهم نذير لوقوعهم فى فترة بينك وبين عيسى وهى خمسمائة وخمسون سنة او بينك وبين إسماعيل على ان دعوة موسى وعيسى مختصة ببني إسرائيل لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ يتعظون بانذارك وتغيير الترتيب الوقوعى بين قضاء الأمر والثواء فى اهل مدين والنداء للتنبيه على ان كلا من ذلك برهان مستقل على ان حكايته عليه السلام للقصة بطريق الوحى الإلهي ولو ذكر اولا نفى ثوائه عليه السلام فى اهل مدين ثم نفى حضوره عليه السلام عند قضاء

<<  <  ج: ص:  >  >>