للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكتاب من الخوارق فان إيتاء الكتاب انما كان بعد إهلاك القبط على ان مقابلة القرآن بما عدا التوراة مع ان ما اوتى انما يدل باطلاقه على الكتاب مما لا وجه له فالمعنى الاول هو الذي يستدعيه جزالة النظم الكريم ويدل عليه صريحا قوله تعالى قُلْ يا محمد لهؤلاء الكفار الذين يقولون هذا القول فَأْتُوا [پس بياريد] بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدى بطريق الحق: وبالفارسية [رياست تر راه نماينده تر] مِنْهُما اى مما اوتياه من التوراة والقرآن وسميتموهما بسحرين أَتَّبِعْهُ جواب للامر اى ان تأتوا به اتبعه ومثل هذا الشرط مما يأتى به من يدل وضوح حجته وسنوح محجته لان الإتيان بما هو اهدى من الكتابين امر بين الاستحالة فيوسع دائرة الكلام للتبكيت والافحام إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ اى فى انهما سحران مختلقان وفى إيراد كلمة ان مع امتناع صدقهم نوع تهكم بهم فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ دعاءك الى الإتيان بالكتاب الاهدى ولن يستجيبوا كقوله فان لم تفعلوا ولن تفعلوا وحذف المفعول وهو دعائك للعلم به ولان فعل الاستجابة يتعدى بنفسه الى الدعاء وباللام الى الداعي فاذا عدى اليه حذف الدعاء غالبا فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ الزائغة من غير ان يكون لهم متمسك أصلا إذ لو كان لهم ذلك لأتوابه وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ استفهام إنكاري بمعنى النفي اى لا أضل منه اى هو أضل من كل ضال. ومعنى أضل بالفارسية [كمراه تر] بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ اى بيان وحجة وتقييد اتباع الهوى بعدم الهدى من الله لزيادة التقرير والإشباع فى التشنيع والتضليل والا فمقارنته لهدايته تعالى بينة الاستحالة وقال بعضهم هوى النفس قد يوافق الحق فلذا قيد الهوى به فيكون فى موضع الحال منه إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ لا يرشد الى دينه الذين ظلموا أنفسهم بالانهماك فى اتباع الهوى والاعراض عن الآيات الهادية الى الحق المبين وهاهنا إشارات منها ان الطريق طريقان طريق القراءة والدراسة والسماع والمطالعة وطريق الرياضة والمجاهدة والتزكية والتحلية وهى اهدى الى الحضرة الاحدية من الطريق الاولى كما قال تعالى (من تقرب الىّ شبرا) اى بحسب الانجذاب الروحاني (تقربت اليه ذراعا) اى بالفيض والفتح والإلهام والكشف فما لا يحصل بطريق الدراسة من الكتب يحصل بطريق السلوك والسماع فى طريق الدراسة من المخلوق فى طريق الوراثة من الخالق وشتان بين السماعين

فيضى كه جامى از دو سه پيمانه كه يافت ... مشكل كه شيخ شهر بيابد بصد چله

ومنها انه لو كان للطالب الصادق والمريد الحاذق شيخ يقتدى به وله شأن مع الله ثم استعد لخدمة شيخ كامل هو اهدى الى الله منه وجب عليه اتباعه والتمسك بذيل إرادته حتى يتم امره ولو تجدد له فى أثناء السلوك هذا الاستعداد لشيخ آخر أكمل من الاول والثاني وهلم جرا يجب عليه اتباعه الى ان يظفر بالمقصود الحقيقي وهو الوصول الى الحضرة بلا اتصال ولا انفصال ومنها ان اهل الحسبان والعزة يحسبون انهم لو جاهدوا أنفسهم على ما دلهم بالعقل بغير هدى من الله اى بغير متابعة الأنبياء انهم يهتدون الى الله ولا يعلمون ان من يجاهد نفسه فى عبودية الله بدلالة العقل دون متابعة الأنبياء هو متابع هواه ولا يتخلص

<<  <  ج: ص:  >  >>