للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله فيها وينزل الوحى عليه ففعلوا وباتوا يحرسونها وأصبحوا فاذا بعصا هارون مورقة خضراء اى صارت بحيث لها ورق اخضر وكانت من شجرة اللوز فلما رأها قارون على تلك الحالة العجيبة قال والله ما هذا بأعجب مما تصنع من السحر واعتزل موسى وتبعه طائفة من بنى إسرائيل وجعل موسى يداريه لما بينهما من القرابة وهو لا يلتفت اليه بل يؤذيه ولا يزيد إلا تجبرا وبغيا وَآتَيْناهُ اى قارون مِنَ الْكُنُوزِ اى الأموال المدخرة قال الراغب الكنز جمع المال بعضه فوق بعض وحفظه من كنزت التمر فى الوعاء انتهى. والفرق بين الركاز والمعدن والكنز ان الركاز هو المال المركوز فى الأرض مخلوقا كان او موضوعا والمعدن ما كان مخلوقا والكنز ما كان موضوعا ما موصولة اى الذي إِنَّ مَفاتِحَهُ جمع مفتح بالكسر ما يفتح به اى مفاتح صناديقه لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ خبر ان والجملة صلة ما وهو ثانى مفعولى آتينا. وناء به الحمل إذا أثقله حتى أماله فالباء للتعدية والعصبة والعصابة الجماعة الكثيرة وفى المفردات جماعة معصبة اى متعاضدة وعن ابن عباس رضى الله عنهما العصبة فى هذا الموضع أربعون رجلا وخزائنه كانت اربعمائة الف يحمل كل رجل منهم عشرة آلاف مفتاح. والمعنى لتثقلهم وتميل بهم إذا حملوها لثقلها: وبالفارسية [برداشتن آن مفاتح كران ميكند مردمان با نيروى را يعنى مردمان از كران بارى بجانبي ميل ميكنند] وقال بعضهم وجدت فى الإنجيل ان مفاتح خزائن قارون وقرستين بغلا ما يزيد منها مفتح على إصبع لكل مفتح كنز ويقال كان قارون أينما ذهب يحمل معه مفاتح كنوزه وكانت من حديد فلما ثقلت عليه جعلها من خشب فثقلت فجعلها من جلود البقر على طول الأصابع إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ منصوب بتنوء يعنى موسى وبنى إسرائيل وقيل قاله موسى وحده بطريق النصيحة لا تَفْرَحْ [شادى مكن بمال دنيا] والفرح انشراح الصدر بلذة عاجلة واكثر ما يكون ذلك فى اللذات البدنية الدنيوية والفرح فى الدنيا مذموم مطلقا لانه نتيجة حبها والرضى بها والذهول عن ذهابها فان العلم بان ما فيها من اللذة مفارقة لا محالة يوجب الترح حتما ولذا قال تعالى (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ) ولم يرخص فى الفرح الا فى قوله (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا) وقوله (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ) وعلل النهى هاهنا بكونه مانعا من محبة الله تعالى كما قال إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ اى بزخارف الدنيا فان الدنيا مبغوضة عند الله تعالى

دنياى دنى چيست سراى ستمى ... افكنده هزار كشته در هر قدمى

كر دست دهد كداى شادى نكند ... ور فوت شود نيز نيرزد بغمى

وانما يحب من يفرح باقامة العبودية وطلب السعادة الاخروية وَابْتَغِ اى اطلب فِيما آتاكَ اللَّهُ من الغنى لم يقل بما آتاك الله لانه لم يرد بمالك وانما أراد وابتغ فى حال تملك وفى حال قدرتك بالمال والبدن كما فى كشف الاسرار الدَّارَ الْآخِرَةَ اى ثواب الله فيها بصرفه الى ما يكون وسيلة اليه من مواساة الفقراء وصلة الرحم وفك الأسير ونحوها من أبواب الخير

<<  <  ج: ص:  >  >>