للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الكرم لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ راجين إصابة الرشد وهو الاهتداء لمصالح الدين والدنيا ومعنى الآية انهم إذا استجابوا وآمنوا اهتدوا لمصالح دينهم ودنياهم لان الرشيد من كان كذلك اعلم ان عدم الدعاء بكشف الضر مذموم عند اهل الشريعة والطريقة لانه كالمقاومة مع الله ودعوى؟؟ لمشاقه: وفي المثنوى

تا فرود آيد بلا بي دافعى ... چون نباشد از تضرع شافعى

فالتسبب واجب للعوام والمبتدئين في السلوك والتوكل أفضل للمتوسطين. واما الكاملون فليس يمكن حصر أحوالهم فالتوكل والتسبب عندهم سيان- روى- ان ابراهيم الخليل عليه السلام لما القى في النار لقيه جبريل في الهواء فقال ألك حاجة فقال أما إليك فلا فقال فاسأل الله الخلاص فقال عليه السلام حسبى من سؤالى علمه بحالي وهذا مقام اهل الحقيقة من المكملين الفانين عن الوجود وما يتعلق به والباقين بالرب في كل حال فأين أنت من هذا فاسأل الله عفوه ومغفرته وقد كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يكلم الناس بقدر مراتبهم ولذا قال لاعرابى أرسل

إبلا له توكلا عليه تعالى (اعقلها وتوكل على الله) امر بعقل الدابة لانه أراد بالتوكل التحرز عن الفوات وحث بعضهم على التوكل كتوكل الطير وذلك إذا لم يسكن الى سابق القضاء ثم اجابة الدعاء وعد صدق من الله لا خلف فيه ومن دعا بحاجة فلم تقض للحال فذلك لوجوه. منها ان الاجابة حاصلة لا محالة فان اجابة الدعوة غير قضاء الحاجة وقضاء الحاجة غير اجابة الدعوة فان اجابة الدعوة هو ان يقول العبد يا رب فيقول الله تعالى له لبيك عبدى وهذا موعود موجود لكل متوجه راشد وقضاء الحاجة إعطاء المراد وإيصال المرتاد وذلك قد يكون للحال وقد يكون بعد مدة وقد يكون في الآخرة وقد يكون الخيرة له في غيره. ومنها ان الاجابة ليست بجهة واحدة بل لها جهات وفي الحديث (دعوة المسلم لا ترد الا لاحدى ثلاث اما ان يدعو بإثم او قطعية رحم واما ان يدخر له في الآخر واما ان يصرف السوء عنه بقدر ما دعا) . ومنها ان الاجابة مقيدة بالمشيئة كما سبق. ومنها انه شرط لهذه الاجابة اجابة العبد إياه فيما دعاه اليه لقوله تعالى فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي. ومنها ان للدعاء شرائط وآدابا وهي اسباب الاجابة فمن استكملها كان من اهل الاجابة ومن اخل بها كان من اهل الاعتداء فلا يستحق الجواب والأسباب منها ما يتعلق باهل العموم ويطول ذكرها ان استوفيت هاهنا. ومنها ما يتعلق بالخصوص وهي التزكية فالاجابة موقوفة على تزكية الداعي فعليه ان يزكى البدن او لا فيصلحه بلقمة الحلال وقد قيل الدعاء مفتاح باب السماء وأسنانه لقمة الحلال وقال عليه السلام (الرجل يطيل السفر يمد يده الى السماء اشعث اغبر يقول يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذى بالحرام فأنى يستجاب لذلك) - حكى- انه كان بالكوفة أناس يستجاب دعاؤهم كلما دخل عليهم وال كانوا يدعون عليه فيهلك فدبر الحجاج الحيلة عليهم حين ولى عمل الكوفة من ابن مروان فدعاهم الى مأدبته فلما أكلوا قال امنت من دعائهم ان يستجاب حيث دخل في بطونهم طعام حرام ويزكى الداعي نفسه ويطهرها من الأوصاف البشرية والأخلاق الذميمة لانها قاطعات لطريق الدعاء ويزكى قلبه عن رين التعلقات الانسانية من النفساني والروحاني ويصفيه بالاذكار وينوره بنور الأخلاق فان هذه اسباب

<<  <  ج: ص:  >  >>