للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكلمات الكلية ويقال للناطق بها حكيم وذلك مثل قول سيد الأنبياء عليه السلام (رأس الحكمة مخافة الله. ما قل وكفى خير مما كثر وألهى. كن ورعا تكن اعبد الناس. وكن تقيا تكن اشكر الناس. البلاء موكل بالمنطق. السعيد من وعظ بغيره. القناعة مال لا ينفد. اليقين الايمان كله) فهذه الكلمات وأمثالها تسمى حكمة وصاحبها يسمى حكيما وفى التأويلات النجمية الحكمة عدل الوحى قال عليه السلام (أوتيت القرآن وما يعدله) وهو الحكمة بدليل قوله تعالى (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) فالحكمة موهبة للاولياء كما ان الوحى موهبة للانبياء وكما ان النبوة ليست كسبية بل هى فضل الله يؤتيه من يشاء فكذلك الحكمة ليست كسبية تحصل بمجرد كسب العبد دون تعليم الأنبياء إياه طريق تحصيلها بل بايتاء الله تعالى كما علمنا النبي عليه السلام طريق تحصيلها بقوله (من أخلص لله أربعين صباحا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه) وكما

ان القلب مهبط الوحى من ايحاء الحق تعالى كذلك مهبط الحكمة بايتاء الحق تعالى كما قال تعالى (وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ) وقال (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) فثبت ان الحكمة من المواهب لامن المكاسب لانها من الأقوال لا من المقامات والمعقولات التي سمتها الحكماء حكمة ليست بحكمة فانها من نتائج الفكر السليم من شوب آفة الوهم والخيال وذلك يكون للمؤمن والكافر وقلما يسلم من الشوائب ولهذا وقع الاختلاف فى أدلتهم وعقائدهم ومن يحفظ الحكمة التي أوتيت لبعض الحكماء الحقيقية لم تكن هى حكمة بالنسبة اليه لانه لم يؤت الحكمة ولم يكن هو حكيما انتهى قال فى عرائس البيان الحكمة ثلاث. حكمة القرآن وهى حقائقه. وحكمة الايمان وهى المعرفة. وحكمة البرهان وهى ادراك لطائف صنع الحق فى الافعال واصل الحكمة ادراك خطاب الحق بوصف الإلهام قال شاه شجاع ثلاث من علامات الحكمة. إنزال النفس من الناس منزلتها. وإنزال الناس من النفس منزلتهم. ووعظهم على قدر عقولهم فيقوم بنفع حاضر وقال الحسين بن منصور الحكمة سهام وقلوب المؤمنين اهدافها والرامي الله والخطأ معدوم وقيل الحكمة هو النور الفارق بين الإلهام والوسواس ويتولد هذا النور فى القلب من الفكر والعبرة وهما ميراث الحزن والجوع قال حكيم قوت الأجساد المشارب والمطاعم وقوت العقل الحكمة والعلم. وأفضل ما اوتى العبد فى الدنيا الحكمة وفى الآخرة الرحمة والحكمة للاخلاق كالطب للاجساد وعن على رضى الله عنه روّحوا هذه القلوب واطلبوا لها طرائف الحكمة فانها تمل كما تمل الأبدان وفى الحديث (ما زهد عبد فى الدنيا الا أنبت الله الحكمة فى قلبه وانطق بها لسانه وبصّره عيوب الدنيا وعيوب نفسه وإذا رأيتم أخاكم قد زهد فاقربوا اليه فاستمعوا منه فانه يلقى الحكمة) . والزهد فى اللغة ترك الميل الى الشيء وفى اصطلاح اهل الحقيقة هو بعض الدنيا والاعراض عنها وشرط الزاهد ان لا يحنّ الى ما زهد فيه وأدبه ان لا يذم المزهود فيه لكونه من جملة افعال الله تعالى وليشغل نفسه بمن زهد من اجله قال عيسى عليه السلام اين تنبت الحبة قالوا فى الأرض فقال كذلك الحكمة لا تنبت الا فى قلب مثل الأرض وهو موضع نبع الماء والتواضع سر من اسرار الله المخزونة عنده لا يهبه على الكمال الا لنبىّ او صديق فليس كل تواضع تواضعا

<<  <  ج: ص:  >  >>