للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكان كذلك ألا ترى الى العين التي بها ينظر الإنسان الأرض والسماء والعالم والألوان وهى شحمة مغمورة فى الدمع وهو ماء مالح والشحم لايصان الا بالملح فكان الدمع مالحا لذلك المعنى انتهى. واما الأنهار العظيمة العذبة فلجريانها دائما لم يتغير طعمها ورائحتها فان التغير انما يحصل من الوقوف فى مكان وَمِنْ كُلٍّ اى من كل واحد من البحرين المختلفين طعما تَأْكُلُونَ ايها الناس لَحْماً طَرِيًّا غضا جديدا من الطراء [والطراوة: بالفارسية ميخوريد كوشتى تازه يعنى ماهى] وصف السمك بالطراوة وهى: بالفارسية [تازه شدن] لتسارع الفساد اليه فيسارع الى أكله طريا ومضى باقى النقل فى سورة النحل وَتَسْتَخْرِجُونَ اى من المالح خاصة ولم يقل منه لانه معلوم حِلْيَةً زينة اى لؤلؤا ومرجانا وفى الاسئلة المقحمة أراد بالحلية اللآلى واللآلى انما تخرج من ملح أجاج لا من عذب فرات فكيف أضافها الى البحرين والجواب قد قيل ان اللآلى تخرج من عذب فرات وفى الملح عيون من ماء عذب ينعقد فيه اللؤلؤ والمرجان انتهى قال فى الخريدة اللؤلؤ يتكون فى بحر الهند وفارس والمرجان ينبت فى البحر كالشجر وإذا كلس المرجان عقد الزئبق فمنه ابيض ومنه احمر ومنه اسود وهو يقوى العين كحلا وينشف رطوبتها تَلْبَسُونَها اى تلبس تلك الحلية نساؤكم ولما كان تزينهن بها لاجل الرجال فكأنها زينتهم ولباسهم ولذا أسند إليهم وفى الحديث (كلم الله البحرين فقال للبحر الذي بالشام يا بحر انى قد خلقتك وأكثرت فيك من الماء وانى حامل فيك عبادا لى يسبحوننى ويحمدوننى ويهللوننى ويكبروننى فما أنت صانع بهم قال أغرقهم قال الله تعالى فانى احملهم على ظهرك واجعل بأسك فى نواصيك) وقال للبحر الذي باليمن (انى قد خلقتك وأكثرت فيك الماء وانى حامل فيك عبادا يسبحوننى ويحمدوننى ويهللوننى ويكبروننى فما أنت صانع بهم قال أسبحك وأحمدك واهللك وأكبرك معهم واحملهم على ظهرى قال الله تعالى فانى أفضلك على البحر الآخر بالحلية والطري) كذا فى كشف الاسرار وَتَرَى الْفُلْكَ السفينة فِيهِ اى فى كل منهما وافراد ضمير الخطاب مع جمعه فيما سبق وما لحق لان الخطاب لكل أحد يأتى منه الرؤية دون المنتفعين بالبحرين فقط مَواخِرَ يقال سفينة ماخرة إذا جرت تشق الماء مع صوت والجمع المواخر كما فى المفردات والمعنى شواق للماء بجريها مقبلة ومدبرة بريح واحدة لِتَبْتَغُوا [تا طلب كنيد] واللام متعلق بمواخر مِنْ فَضْلِهِ اى من فضل الله تعالى بالنقلة فيها قال فى بحر العلوم ابتغاء الفضل التجارة وهى أعظم اسباب سعة الرزق وزيادته قال عليه السلام (تسعة أعشار رزق أمتي فى البيع والشراء) وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ اى ولتشكروا على ذلك الفضل وحرف الترجي للايذان بكونه مرضيا عنده تعالى

وفى بحر العلوم وكى تعرفوا نعم الله فتقوموا بحقها سيما انه جعل المهالك سببا لوجود المنافع وحصول المعايش واعلم ان الله تعالى ذكر هذه الآية دلالة على قدرته وبيانا لنعمته وقال بعضهم ضرب البحر العذب والملح مثلا للمؤمن والكافر فكما لا يستوى البحران فى الطعم فكذا المؤمن والكافر [يكى از حلاوت ايمان عين عذب عرفانست وديكر از مرارت عصيان بحر أجاج كفر وطغيان آن آب

<<  <  ج: ص:  >  >>