للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

در بزم احتشام تو سياره هفت جام ... وز مطبخ نوال تو أفلاك نه طبق

هر خطبه كمال بنام تو شد ازل ... كس تا ابد ز لوح نمى خوانده اين سبق

إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ لجميع استعدادات كل ما سألت من الكمالات كما قال تعالى (وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ) وفى التأويلات النجمية بقوله (قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي) الآية يشير الى معان مختلفة. منها انه لما أراد طلب الملك الذي هو رفعة الدرجة بنى الأمر فى ذلك على التواضع الموجب للرفعة وهو قوله (رَبِّ اغْفِرْ لِي) ومنها انه قدم طلب المغفرة على طلب الملك لانه لو كان طلب الملك زلة فى حق الأنبياء كانت مسبوقة بالمغفرة لا يطالب بها. ومنها ان الملك مهما يكن فى يد مغفور له منظور بنظر العناية ما يصدر منه تصرف فى الملك الا مقرونا بالعدل والنصفة وهو محفوظ من آفات الملك وتبعاته. ومنها قوله (وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي) اى يكون ذلك موهوبا له بحيث لا ينزعه منه ويؤتيه من يشاء كما هى السنة الالهية جارية فيه ومنها قوله (لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي) اى لا يطلبه أحد غيرى لئلا يقع فى فتنة الملك على مقتضى قوله تعالى (إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) فان الملك جالب للفتنة كما كان جالبا لها الى سليمان بقوله (وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ) . ومنها قوله (لا ينبغى لاحد غيرى اى لا يكون هذا الملك ملتمس أحد منك غيرى للتمتع والانتفاع به وهو بمعزل عن قصدى ونيتى فى طلب هذا فان لى فى طلب هذا الملك نية لنفسى ونية لقلبى ونية لروحى ونية للممالك بأسرها ونية للرعايا فاما نيتى لنفسى فتزكيتها عن صفاتها الذميمة وأخلاقها اللئيمة وذلك فى منعها عن استيفاء شهواتها وترك مستلذاتها النفسانية بالاختيار دون الاضطرار وانما يتيسر ذلك بعد القدرة الكاملة عليه بالمالكية والملكية بلا مانع ولا منازع وكماليته فى المملكة بحيث لا يكون فيها ما يحرك داعية من دواعى البشرية المركوزة فى جبلة الإنسان ليكون كل واحدة من المشتهيات والمستلذات النفسانية محركة لداعية تناسبها عند تملكها والقدرة عليها عند توقان النفس إليها وغلبات هواها فيحرم على النفس مراضعها ويحرمها من مشاربها وينهاها عن هواها خالصا لله وطلبا لمرضاته فتموت النفس عن صفاتها كما يموت البدن عند إعواز فقدان ما هو غذاء يعيش به فاذا ماتت عن صفاتها الذميمة يحييها الله بالصفات الحميدة كما قال (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً) وقال (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها) فلا يبقى لها نظر الى الدنيا وسائر نعمها كما كان حال سليمان لم يكن له نظر الى الدنيا ونعيمها وانما كان مع تلك الوسعة فى المملكة يأكل كسرة من كسب يده مع جليس مسكين ويقول مسكين جالس مسكينا وامانيته لقلبه فتصفيته عن محبة الدنيا وزينتها وشهواتها وتوجيهه الى الآخرة بالاعراض عنها عند القدرة عليها والتمكن فيها ثم صرفها فى سبيل الله وقلع أصلها من ارض القلب ليبقى القلب صافيا من الدنس قابلا للفيض الإلهي فانه خلق مرآة لجميع الصفات الالهية وامانيته لروحه فلتحليته بالأخلاق الحميدة الربانية ولا سبيل إليها الا بعلو الهمة وخلوص النية فان المرء يطير بهمته كالطائر يطير بجناحيه وتربية الهمة بحسب نيل المقاصد الدنيوية الدينية وصرفها فى نيل المراتب الدينية الاخروية الباقية وان ترك المقاصد الدنيوية الدينية وان كان اثر التربية الهمة ولكن لا يبلغ حد اثر صرف ما يملك

<<  <  ج: ص:  >  >>