للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانوا على خلاف دينهم فكانوا عندهم اشرارا أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا بقطع الهمزة على انها استفهام والأصل أاتخذناهم حذفت همزة الوصل للاستغناء عنها بهمزة الاستفهام. وسخريا بضم السين وكسرها مصدر سخر قال فى القاموس سخر اى هزئ كاستسخر والاسم السخرية والسخرى ويكسر انتهى زيد فيه ياء النسبة للمبالغة لان فى ياء النسبة زيادة قوة فى الفعل كما قيل الخصوصية فى الخصوص قالوه إنكارا على أنفسهم ولو مالها فى الاستخبار منهم فمعنى الاستفهام الإنكار والتوبيخ والتعنيف واللوم: وبالفارسية [ما ايشانرا كرفتيم مهزوء بهم] أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ يقال زاغ اى مال عن الاستقامة وزاغ البصر كل وأم متصلة معادلة لاتخذناهم والمعنى أي الامرين فعلنا بهم الاستسخار منهم أم الازدراء بهم وتحقيرهم فان زيغ البصر وعدم الالتفات الى الشيء من لوازم تحقيره فكنى به عنه قال الحسن كل ذلك قد فعلوا اتخذوهم سخريا وزاغت عنهم أبصارهم محقرة لهم. والمعنى انكار كل واحد من الفعلين على أنفسهم توبيخا لها ويجوز ان تكون أم منقطعة والمعنى اتخذناهم سخريا بل زاغت عنهم أبصارنا فى الدنيا تحقيرا لهم وكانوا خيرا منا ونحن لا نعلم على معنى توبيخ أنفسهم على الاستسخار ثم الاضراب والانتقال منه الى التوبيخ على الازدراء والتحقير [در آثار آمده كه حق سبحانه وتعالى آن كروه فقرا را بر غرفات بهشت جلوه دهد تا كفار ايشانرا بينند وحسرت ايشان زياده شود] إِنَّ ذلِكَ الذي حكى من أحوالهم لَحَقٌّ لا بد من وقوعه البتة تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ خبر مبتدأ محذوف والجملة بيان لذلك اى هو تخاصم إلخ يعنى تخاصم القادة والاتباع: وبالفارسية [جنك وجدل كردن اهل دوزخ وماجراى ايشان] وهذا اخبار عما سيكون وسمى ذلك تخاصما على تشبيه تقاولهم وما يجرى بينهم من السؤال والجواب بما يجرى بين المتخاصمين من نحو ذلك وفى التأويلات النجمية وبقوله (وَقالُوا ما لَنا) إلخ يشير الى تخاصم اهل النار مع أنفسهم يسخرون بانفسهم كما كانوا يسخرون بالمؤمنين فيقولون (ما لَنا لا نَرى رِجالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا) وما كانوا من الأشرار (أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ) فلا نراهم معنا وهم هاهنا (إِنَّ ذلِكَ) التخاصم (لَحَقٌّ) مع أنفسهم (تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) من الندامة حين لا ينفعهم التخاصم ولا الندامة انتهى وفى الآية ذم وفى الحديث (اتخذوا الأيادي عند الفقراء قبل ان تجييء دولتهم فاذا كان يوم القيامة يجمع الله الفقراء والمساكين فيقال تصفحوا الوجوه فكل من أطعمكم لقمة او سقاكم شربة او كساكم خرقة او دفع عنكم غيبة فخذوا بيده وأدخلوه الجنة) : قال الحافظ

از كران تا بكران لشكر ظلمست ولى ... از ازل تا بابد فرصت درويشانست

وفى الحديث (ملوك الجنة كل اشعث اغبر إذا استأذنوا فى الدنيا لم يؤذن لهم وان خطبوا النساء لم ينكحوا وإذا قالوا لم ينصت لقولهم ولو قسم نور أحدهم بين اهل الأرض لوسعهم) كذا فى أنيس المنقطعين: قال الحافظ

نظر كردن بدرويشان منافى بزركى نيست ... سليمان با چنان حشمت نظرها بود با مورش

اللهم اجعل حليتنا حب الفقراء واحشرنا فى الدنيا والآخرة مع الفقراء قُلْ يا محمد لمشركى

<<  <  ج: ص:  >  >>