للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخلق ايمان المؤمن ورضيه له وهو مالك الملك على الإطلاق وتكلف بعض اهل الأصول فقال ان الله تعالى لا يرضى بكون الكفر حسنا ودينا لانه تعالى يرضى وجوده وهو حسن ولا يخلقه وهو حسن وعلى هذا معنى قوله تعالى (وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ) والأليق باهل الزمان والا بعد عن التشنيع والأقرب ان لا يرضى من عباده الكفر مؤمنا كان او كافرا يقول الفقير ان رضى الله بكفر الكافر ومعصية العاصي اختياره وإرادته له فى الأزل فلذا لم يتغير حكمه فى الابد لا مدحه وثناؤه وترك السخط عليه فارتفع النزاع ومن تعمق فى اشارة قوله تعالى (ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) انكشف له حقيقة الحال وَإِنْ تَشْكُرُوا تؤمنوا به تعالى وتوحدوه يدل عليه ذكره فى مقابلة الكفر يَرْضَهُ لَكُمْ أصله يرضاه على ان الضمير عائد الى الشكر حذف الالف علامة للجزم وهو باختلاس ضمة الهاء عند اهل المدينة وعاصم وحمزة وبإسكان الهاء عند ابى عمرو وبإشباع ضمة الهاء عند الباقين لانها صارت بخلاف الالف موصولة بمتحرك. والمعنى يرضى الشكر والايمان لاجلكم ومنفعتكم لانه سبب لفوزكم بسعادة الدارين لا لانتفاعه تعالى به وفى التأويلات النجمية يعنى لا يرضى لكفركم لانه موجب للعذاب الشديد ويرضى لشكركم لانه موجب لمزيد النعمة وذلك لان رحمته سبقت غضبه يقول يا مسكين انا لا ارضى لك ان لا تكون لى يا قليل الوفاء كثير التجني فان أطعتني شكرتك وان ذكرتنى ذكرتك وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى بيان لعدم سراية كفر الكافر الى غيره أصلا. والوزر الحمل الثقيل ووزره اى حمله. والمعنى ولا تحمل نفس حاملة للوزر حمل نفس اخرى من الذنب والمعصية [بلكه هر يك بردارنده وزر خود بردارد چنانكه كناه كسى در دفتر ديكر نمى نويسند] كه كناه دكران بر تو نخواهند نوشت ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ اى رجوعكم بالبعث بعد الموت لا الى غيره فَيُنَبِّئُكُمْ عند ذلك: وبالفارسية [پس خبر دهد شما را] بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ اى بما كنتم تعملونه فى الدنيا من اعمال الكفر والايمان اى يجازيكم بذلك ثوابا وعقابا كما قال الكاشفى

اخبار از آن بمحاسبه ومجازات باشد] وفى تفسير ابى السعود فى غير هذا المحل عبر عن إظهاره بالتنبئة لما بينهما من الملابسة فى انهما سببان للعلم تنبيها على انهم كانوا جاهلين بحال ما ارتكبوه غافلين عن سوء عاقبته اى يظهر لكم على رؤس الاشهاد ويعلمكم أي شىء شنيع كنتم تفعلونه فى الدنيا على الاستمرار ويرتب عليه ما يليق به من الجزاء إِنَّهُ تعالى عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ تعليل للتنبئة اى مبالغ فى العلم بمضمرات القلوب فكيف بالأعمال الظاهرة وأصله عليم بمضمرات صاحبة الصدور وفى الآية دليل على ان ضرر الكفر والطغيان يعود الى نفس الكافر كما ان نفع الشكر والايمان يعود الى نفس الشاكر والله غنى عن العالمين كما وقع فى الكلمات القدسية (يا عبادى لو ان أولكم وآخركم وانسكم وجنكم كانوا على اتقى قلب رجل واحد منكم) اى على تقوى اتقى قلب رجل (ما زاد ذلك فى ملكى شيأ يا عبادى لو ان أولكم وآخركم وانسكم وجنكم كانوا على افجر قلب واحد منكم ما نقص ذلك من ملكى شيأ) وفى آخر الحديث فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ الا نفسه

<<  <  ج: ص:  >  >>