للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ان الأمر إذ الشديد وفى الحديث (لا تزال الخصومة بين الناس حتى تخاصم الروح الجسد فيقول الجسد انما كنت بمنزلة جذع ملقى لا أستطيع شيأ ويقول الروح انما كنت ريحا لا أستطيع ان اعمل شيأ فضرب لهما مثل الأعمى والمقعد يحمل الأعمى المقعد فيدله المقعد ببصره ويحمله الأعمى برجليه) وفى الحديث (أتدرون من المفلس) قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع قال (ان المفلس من أمتي من يأتى يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة وكان قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا فيقضى هذا من حسناته فان فنيت حسناته قبل ان يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح فى النار) فان قيل قال فى آية اخرى (لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ) قيل ان فى يوم القيامة ساعات كثيرة وأحوالها مختلفة مرة يختصمون ومرة لا يختصمون كما انه قال (فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ) وقال فى آية اخرى (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ) يعنى فى حال لا يتساءلون وفى حال يتساءلون وكما انه قال (فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ) وفى موضع آخر (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) ونحو هذا كثير فى القرآن قال بعض الكبار يوم القيامة يوم عظيم شديد يتجلى الحق فيه اولا بصفه القهر بحيث يسكت الأنبياء والأولياء ثم يتجلى باللطف فيحصل لهم انبساط فعند ذلك يشفعون قال فى التأويلات النجمية (ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ) اى تراجعون الحق تعالى بشفاعة اقربائكم وأهاليكم واصدقائكم بعد فراغكم من خويصة أنفسكم نسأل الله سبحانه وتعالى العناية تم الجزء الثالث والعشرون الجزء الرابع والعشرون من الاجزاء الثلاثين فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ فى الإرشاد المعنى الاول ليختصمون هو الأظهر الأنسب بهذا القول فانه مسوق لبيان حال كل من طرفى الاختصام الجاري فى شأن الكفر والايمان لا غير وفى بحر العلوم فيه دلالة بينة على ان الاختصام يوم القيامة بين الظالمين والمظلومين والمعنى اظلم من كل ظالم من افترى على الله بان أضاف اليه الشرك والولد وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ اى بالأمر الذي هو عين الحق ونفس الصدق وهو ما جاء به النبي عليه السلام إِذْ جاءَهُ اى فى مجيئه على لسان الرسول عليه السلام يعنى فاجأه بالتكذيب ساعة أتاه وأول ما سمعه من غير تدبر فيه ولا تأمل وفيه اشارة الى من يكذب على الله بادعاء انه أعطاه رتبة وحالا ومقاما وإذا وجد صديقا جاء بالصديق فى المقال والأحوال كذبه وينكر على صدقه فيكون حاصل امره يوم القيامة قوله (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) ولهذا قال تعالى أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ استفهام إنكاري وانكار النفي نفى له ونفى النفي اثبات. والثواء هو الاقامة والاستقرار والمثوى المقام والمستقر. والمعنى ان جهنم منزل ومقام للكاذبين المكذبين المذكورين وغيرهم من الكفار جزاء لكفرهم وتكذيبهم

<<  <  ج: ص:  >  >>