للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ان تأكل أجساد الأنبياء والصديقين والشهداء بخلاف الروح الإنساني فانه حامل الامانة والمعرفة والايمان ويتصرف فيه علم الشريعة والطريقة والمعرفة والحقيقة بتوسط الحكماء الإلهيين ولا يأكله التراب وهو باعتبار كونه نفسا هو النبي والولي والمشار اليه بانا والمدرج فى الخرقة بعد مفارقته عن البدن والمسئول فى القبر والمثاب والمعاقب وليس له علاقة مع البدن سوى ان يستعمله فى كسب المعارف بواسطة شبكة الحواس فان البدن آلته ومركبه وشبكته وبطلان الآلة والمركب والشبكة لا يوجب بطلان الصياد نعم بطلت الشبكة بعد الفراغ من الصيد فبطلانها غنيمة إذ يتخلص من حملها وثقلها ولذا قال عليه السلام (الموت تحفة المؤمن) اما لو بطلت الشبكة قبل الصيد فقد عظمت فيه الحسرة والندامة ولذا يقول المقصرون (رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ) الآية. والموت زوال القوة الحساسة

كما ان الحياة وجود هذه القوة ومنه سمى الحيوان حيوانا ومبدأ هذه القوة هو الروح الحيواني الذي محله الدماغ كما ان محل الروح الإنساني القلب الصنوبري ولا يلزم من ذلك تحيزه فيه وان كانت الأرواح البشرية متحيزة عند اهل السنة. ثم ان الإنسان مادام حيا فهو انسان بالحقيقة فاذا مات فهو انسان بالمجاز لان انسانيته فى الحقيقة انما كانت بتعلق الروح الإنساني وقد فارقه: وفى المثنوى

جان زريش وسبلت تن فارغست ... ليك تن بي جان بود مرداريست «١»

ومعنى الآية يقبض الله الأرواح الانسانية عن الأبدان بان يقطع تعلقها عنها وتصرفها فيها ظاهرا وباطنا وذلك عند الموت فيزول الحسن والحركة عن الأبدان وتبقى كالخشب اليابس ويذهب العقل والايمان والمعرفة مع الأرواح وفى الوسيط (حِينَ مَوْتِها) اى حين موت أبدانها وأجسادها على حذف المضاف يقول الفقير ظاهره يخالف قوله تعالى (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) فان المفهوم منه ان الموت يطرأ على النفوس لا على البدن اللهم الا ان يقال المراد ان الله تعالى يتوفى الأرواح حين موت أبدانها بمفارقة أرواحها عنها وأسند القبض اليه تعالى لانه الآمر للملائكة القابضين وفى زهرة الرياض التوفى من الله الأمر بخروج الروح من البدن لو اجتمعت الملائكة لم يقدروا على إخراجه فالله يأمره بالخروج كما امره بالدخول ومن الملائكة المعالجة وإذا بلغت الحنجرة يأخذها ملك الموت على الايمان او الكفر انتهى على ان من خواص العباد من يتولى الله قبض روحه كما روى ان فاطمة الزهراء رضى الله عنها لما نزل عليها ملك الموت لم ترض بقبضه فقبض الله روحها واما النبي عليه السلام فانما قبضه ملك الموت لكونه مقدم الامة وكما قال ذو النون المصري قدس سره الهى لا تكلنى الى ملك الموت ولكن اقبض روحى أنت ولا تكلنى الى رضوان وأكرمني أنت ولا تكلنى الى مالك وعذبنى أنت نسأل الله الفضل على كل حال وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها قوله فى منامها متعلق بيتوفى المقدر. المنام والنوم واحد وهو استرخاء اعصاب الدماغ برطوبات البخار الصاعد اليه وقيل هو ان يتوفى الله النفس من غير موت كما فى الآية وقيل النوم موت خفيف والموت نوم ثقيل وهذه التعريفات كلها صحيح ينظرات مختلفة والمعنى


(١) در اواسط دفتر چهارم در بيان باز كشتن بحكايت غلام كه رقعه نوشت سوى شاه إلخ

<<  <  ج: ص:  >  >>