للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قدرته وحقارة الافعال العظام بالنسبة الى قدرته ودلالة على ان تخريب العالم أهون شىء عليه على طريقة التمثيل والتخييل من غير اعتبار القبضة حقيقة ولا مجازا على ما فى الإرشاد ونحوه وعلى هذه الطريقة قوله تعالى وَالسَّماواتُ مبتدأ مَطْوِيَّاتٌ خبره بِيَمِينِهِ متعلق بمطويات اى مجموعات ومدرجات من طويت الشيء طيا اى أدرجته إدراجا او مهلكات من الطى بمعنى مضى العمر يقال طوى الله عمره. وقوله بيمينه اى بقوته واقتداره فانه يعبر بها عن المبالغة فى الاقتدار لانها أقوى من الشمال فى عادة الناس كما فى الاسئلة المقحمة قال ابن عباس رضى الله عنهما ما السموات السبع والأرضون السبع فى يد الله الا كخردلة فى يد أحدكم قال بعضهم الآية من المتشابهات فلا مساغ لتأويلها وتفسيرها غير الايمان بها كما قال تعالى (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا)

وقال اهل الحقيقة المراد بهذه القبضة هى قبضة الشمال المضاف إليها القهر والغضب ولوازمهما وعالم العناصر وما يتركب ويتولد منها ومن جملة ذلك صورة آدم العنصرية واما روحانيته فمضافة الى القبضة المسماة باليمين ودل على ما ذكر ذكر اليمين فى مقابل الأرض وصح عن النبي عليه السلام اطلاق الشمال على احدى اليدين اللتين خلق الله بهما آدم عليه السلام كما فى شرح الأربعين حديثا للشيخ الكبير قدس سره الخطير وعن ابى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم (يقبض الله السموات بيمينه والأرضين بيده الاخرى ثم يهزهنّ ويقول انا الملك اين ملوك الأرض) كما فى كشف الاسرار وفيه اشعار بإطلاق الشمال على اليد الاخرى فالشمال فى حديثه عليه السلام والقبضة فى هذه الآية واحدة فان قلت كيف التوفيق بينه وبين قوله عليه السلام (كلتا يدى ربى يمين مباركة) وقول الشاعر

له يمينان عدلا لا شمال له ... وفى يمينيه آجال وأرزاق

قلت كون كل من اليدين يمينا مباركة بالاضافة اليه تعالى ومن حيث الآثار فيمين وشمال إذ لا تخلو الدنيا والآخرة من اللطف والقهر والجمال والجلال والبسط والقبض والروح والجسم والطبيعة والعنصر ونحو ذلك وظهر مما ذكرنا كون السموات خارجة عن حد الدنيا لاضافتها الى اليمين وان كانت من عالم الكون والفساد اللهم الا ان يقال العناصر مطلقا مضافة الى الأرض المقبوضة بالشمال واما ملكوتها وهو باطنها كباطن آدم وباطن السموات كالارواح العلوية فمضاف الى السموات المقبوضة باليمين فالسموات من حيث عناصرها داخلة فى حد الدنيا سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ما ابعد وما أعلى من هذه قدرته وعظمته عن اشراكهم ما يشركونه من الشركاء فما على الاول مصدرية وعلى الثاني موصولة سئل الجنيد قدس سره عن قوله (وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ) فقال متى كانت منشورة حتى صارت مطوية سبحانه نفى عن نفسه ما يقع فى العقول من طيها ونشرها إذ كل الكون عنده كالخردلة او كجناح بعوضة او اقل منها قال الزروقى رحمه الله إذا أردت استعمال حزب البحر للسلامة من عطبه فقدم عند ركوبه (بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ) الى قوله (عَمَّا يُشْرِكُونَ) إذ قد جاء فى الحديث انه أمان من الغرق ومن الله الخلاص يقول الفقير

<<  <  ج: ص:  >  >>