للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصادق رضى الله عنه هو حمد العارفين الذين استقروا فى دار القرار مع الله وقوله الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن حمد الواصلين قال سهل رضى الله عنه منهم من حمد الله على تصديق وعده ومنهم من حمد الله لانه يستوجب الحمد فى كل الأحوال لما عرف من نعمه وما لا يعرفه وهو ابلغ لكونه حال الخواص وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ يريدون المكان الذي استقروا فيه من ارض الجنة على الاستعارة وايراثها إعطاؤها وتمليكها مخلفة عليهم من أعمالهم او تمكينهم من التصرف فيما فيها تمكين الوارث فيما يرثه وفى التأويلات النجمية صدق وعده للعوام بقوله وأورثنا- الأرض الى آخره وصدق وعده للخواص يقوله للذين أحسنوا الحسنى وزيادة وصدق وعده لاخص الخواص بقوله ان المتقين فى جنات ونهر فى مقعد صدق عند مليك مقتدر فنعم اجر العاملين العاشقين نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ قال فى تاج المصادر التبوؤ كرفتن جاى. أخذ من المباءة وهى المحلة ويتعدى الى مفعول واحد وقال ابو على يتعدى الى مفعولين ايضا انتهى وبوأت له مكانا سويته وهيأنه والمعنى بالفارسية جاى ميكريم از بهشت هر كجا مى خواهيم ونزول وقرار ميكنيم. اى يتبوأ كل واحد منا فى اى مكان اراده من جنة

الواسعة لا من جنة غيره على أن فيها مقامات معنوية لا يتمانع واردوها كما قال فى التفسير الكبير قال حكماء الإسلام الجنة نوعان الجنات الجسمانية والجنات الروحانية فالجنات الجسمانية لا تحتمل المشاركة واما الروحانية فحصولها لواحد لا يمنع حصولها لآخرين وفى تفسير- الفاتحة للفنارى رحمه الله اعلم أن الجنة جنتان جنة محسوسة وجنة معنويه والعقل يعقلهما معا كما أن العالم عالمان لطيف وكثيف وغيب وشهادة والنفس الناطقة المخاطبة المكلفة لها نعيم بما تحمله من العلوم والمعارف من طريق نظرها ونعيم بما تحمله من اللذات والشهوات مما تناله بالنفس الحيوانية من طريق قواها الحسية من أكل وشرب ونكاح ولباس وروائح ونغمات طيبة وجمال حسى فى نساء كاعبات ووجوه حسان وألوان متنوعة وأشجار وانهار كل ذلك تنقله الحواس الى النفس الناطقة فتلتذبه ولو لم يلتذ الا الروح الحساس الحيواني لا النفس الناطقة لكان الحيوان يلتذ بالوجه الجميل من المرأة او الغلام بالألوان.

واعلم أن الله خلق هذه الجنة المحسوسة يطالع الأسد الذي هو الاقليد وبرجه وهو الأسد وخلق الجنة المعنوية التي هى روح هذه الجنة المحسوسة من الفرح الإلهي من صفة الكمال والابتهاج والسرور فكانت الجنة المحسوسة كالجسم والمعقولة كالروح وقواه ولهذا سماها الحق الدار الحيوان لحيانها وأهلها يتنعمون فيها حسا ومعنى والجنة ايضا أشد تنعما باهلها الداخلين فيها وكذا تطلب ملئها من الساكنين وقد ورد خبر عن النبي عليه السلام ان الجنة اشتاقت الى بلال وعلى وعمار وسليمان انتهى ما فى التفسير المذكور وفى الخبران الجنان تستقبل الى اربعة نفر صائمى رمضان وتالى القرآن وحافظى اللسان ومطعمى الجيران يقول الفقير على هذ السر يدور قوله عليه السلام فى حق جبل أحد بالمدينة أحد يحبنا ونحبه وذلك لأنه ملحق بالجنان كسائر المواضع الشريفة فله الحياة والإدراك وان كان خارجا عن دائرة العقل الجزئى وقال فى الاسئلة المقحمة كيف قال حيث نشاء ومعلوم أن بعضهم لا ينزل مكان غيره

<<  <  ج: ص:  >  >>